04-02-2017 03:03 PM
سرايا - سرايا - عصام مبيضين - حسمت الحكومة موضوع تخفيض رواتب الموظفين في بعض المناطق التنموية والمؤسسات المستقلة، التي تصل الى ألاف الدنانير، حيث كانت هذه الخطوات من ضمن حزمة وعود قدمها رئيس الوزراء هاني الملقي الى النواب أثناء مناقشة الموازنة العامة، بالتزامن مع سلسلة قرارات اقتصادية صعبة، تتعلق برفع المواد الأساسية والبنزين والكهرباء وغيرها.
و برزت توجهات ان يكون الحد الأعلى للرواتب لكبار المسؤولين 3500 دينار وهناك تشكيل لجنة من وزارة المالية وتطوير القطاع العام لدراستها والتنسيب لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنها موجها ان يكون الحد الاعلى للرواتب 3500 دينار.
و اعتبر بعض المراقبين ان الحكومة ان استطاعت الاقتراب من الرواتب وان الخطوة ـ براي المراقبين تاتي بعد الموافقة على اقتطاع ما نسبته 10 بالمئة من المبلغ الزائد عن الفي دينار من الراتب الشهري لكل العاملين في القطاع العام، بما فيهم رئيس الوزراء والوزراء، اعتبارا من الاول من شباط، و حيث جاء القرار ليشمل الوزارات والدوائر الحكومية المدرجة ضمن قانون الموازنة العامة والهيئات المستقلة والمؤسسات والشركات الحكومية وغيرها من الوحدات المدرجة ضمن قانون الوحدات الحكومية.
وتشمل المؤسسات الرسمية والمؤسسات العامة والجامعات الرسمية والشركات المملوكة للحكومة بنسبة 100 بالمئة والشركات التابعة للشركات المساهمة بها الحكومة وامانة عمان والبلديات.
و اوعز المجلس بتحويل قيمة الاقتطاعات شهريا لحساب الخزينة العامة في وزارة المالية متضمنة كشوفات تفصيلية تبين قيمة الاقتطاعات.
تحويل جميع البدلات والمكافآت واي مستحقات يتقاضاها ممثلو الحكومة في المؤسسات والشركات بمن فيهم ممثلو شركة ادارة المساهمات الحكومية الى صندوق خاص في وزارة المالية بحيث يتم توزيع الاموال المحصلة على جميع الممثلين بالتساوي، حتى لو كان ممثلا للحكومة في اكثر من مجلس ادارة اعتبارا من الأول من شباط الحالي.
ووجه رئيس الوزراء وزير المالية لدراسة موضوع عضوية الامناء والمدراء العامين وغيرهم في مجالس ادارات الشركات المملوكة للحكومة، لجهة اعادة النظر بهذه المجالس من جهة، وضمان عدم تكرار المكافاة التي يتقاضاها لقاء عضويته في هذه المجالس من جهة أخرى.
وأفادت مصادر مطلعة انه في نفس الوقت ستقوم الحكومة بنفض الغبار عن ملف الحد الادنى للأجور الذي يبلغ حاليا 190 دينارا، وكان مثار جدل بين غرف التجارة والصناعة واتحاد نقابات العمال حول نسب الرفع المتوقعة.
واستطردت المصادر بأن هناك ملفين مهمين على الطاولة في الدوار الرابع، هما وضع حد اعلى لرواتب الموظفين الحكوميين، وحد ادنى للأجور للعمال، تمهيدا للتنسيب لاتخاذ القرار المناسب.
من جانب آخر، فإن إعادة النظر في بعض رواتب الموظفين في المؤسسات المستقلة اصبح مطلباً ملحاً بعد سنوات من انتظار صدور قرار بهذا الشأن أرجأته حكومات سابقة خشيت من الاقتراب من هذا الملف الخطير.
من جهة اخرى يقول مسؤول اداري سابق: "نلاحظ ان هناك تفاوتا كبيرا وخطيراً بين رواتب القطاع العام والمؤسسات المستقلة يصل إلى ما يزيد على ثلاثة الاف وخمسمائة الى حدود عشرة الاف شهريا، وربما أكثر من هذا المبلغ لبعض المدراء".
واضاف: "تصل رواتب الموظفين الى الفي دينار اضافة الى السفر والمياومات والامتيازات الأخرى، وعلاوة على ذلك فهذه المؤسسات تعمل بنظام خاص، وتمنح لموظفيها رواتب افضل وتوفر لهم راحة وظيفية اكبر من الوظائف الحكومية".
وبينت دراسة أن فروقات الرواتب بين الدوائر الحكومية والمؤسسات المستقلة كبيرة، وتصل بعض الرواتب في هذه المؤسسات الى 2500 ديناراً، علاوة عن صرف 500 دينار بدل سكن لكل موظف
وتتراوح رواتب موظفي بعض المؤسسات المستقلة من 800ـــ 4000 دينار، والمدراء من 3000ـــ 12000 بالاضافة الى الامتيازات الأخرى كبدل سكن وتنقلات ومياومات وكلها موثقة ضمن عقود ديوان الخدمة المدنية، بينما رواتب شرائح الموظفين والمتقاعدين تتراوح بين 200 ـــ400 ورواتب المدراء من400 ــــ 700 بعد خدمة أكثر من عشرين عام خدمة.
وقدرت تقارير إحصائية معدل رواتب المسؤولين في الأردن بـ45 ألف دينار تقريباً، وهو أعلى بـ15 ضعفاً من معدل الدخل للموظفين عالمياً الذي يقدر بنحو 4 آلاف دولار.
واشار اقتصاديون الى ان الفروق في الرواتب بوضعها الحالي تخالف اسس النظام الإداري المعروف عالميا، ويمثل الأردن حالة فريدة في هذا الموضوع مما يساهم في تحطيم نفسيات الموظفين في بعض الدوائر وهم ينظرون لزملاء لهم يحملون نفس الشهادات والخبرة ويتقاضون رواتب تعادل أضعاف رواتبهم بسبب الواسطة، وأدى هذا الأمر الى تفجير الاحتجاجات وانعكس سلباً على العمل.
وهناك رواتب خيالية تصل الى تسعة عشر ألف دينار شهريا وأحيانا خمسة آلاف، ورواتب السكرتيرات تصل الى ألفين، ورواتب كبار الموظفين حوالي 90 ألف دينار شهرياً.
ويتبين ان بعض من كانوا موظفين في الوزارات والمؤسسات الحكومية انتقلوا إلى المؤسسات الخاصة بعقود وسجلت رواتبهم ارتفاعا كبيرا؛ مما أدى إلى خلق تشوه واضح في الأجور التي يدفعها القطاع العام.
وأكد موظفون حكوميون اكدوا اصابتهم بالإحباط والضغوط والأمراض النفسية والاكتئاب والقلق وعدم التركيز والتوحد والحديث مع النفس بسبب تبعات هذا الراتب المحدود.
مدير على وشك التقاعد قال ان رواتب المؤسسات أعلى بكثير من رواتب القطاع العام. وللتوضيح والبينة، فإن راتب سكرتيرة تعمل في المؤسسات المستقلة اعلى من سقف راتب حامل شهادة الدكتوراة، والفرق يحسب بالالاف وهذا الراتب لا يصل إليه الدكتور إلا بعد خدمة ثلاثين عاماً في الدولة.
وقال ان الارقام تكشف فرقا شاسعا بين رواتب العاملين في أجهزة الدولة ممن عينوا على نظام الخدمة المدنية، ونظرائهم في هذا النوع من المؤسسات، إذ تزيد رواتب الملتحقين في الأخيرة بنسبة تصل إلى 170 % أو ما مقداره 500 - 600 دينار، وهي لا تخضع لتشريعات الحكومة المركزية، ويظن القائمون عليها أنهم مستقلون لا يخضعون للرقابة والمحاسبة.
كما وردت شكاوى من بعض مديري المؤسسات المستقلة بأن قرارات الدمج من قبل تطوير القطاع العام جعلت رواتب الموظفين أعلى من رواتبهم، وهو الأمر الذي يعاكس مختلف النظم الإدارية في العالم، مشيرين إلى حاجة الهيكلة إلى "ولادة قيصرية" عاجلة.
أحد المدراء اوضح أن راتبه يبلغ 1700 دينار شهريا، بينما بعض الموظفين من مؤسسة دمجت مع مؤسسته بلغت رواتبهم 3700 دينار حسب الكشوفات، مبينا أنه راجع ديوان الخدمة المدنية، وبعض الجهات الرقابية دون جدوى.
واضاف أن هيكلة الرواتب حملت "العجب العجاب"، مضيفا: "رواتب وعلاوت موظف تختلف من موظف لآخر؛ ما أوجد موظفين في المكتب الواحد وبنفس الدرجات كل منهم يأخذ علاوة"، وقال: "إذا ما استمر الوضع على حاله فسيجعلنا نصل بعد فترة قليلة إلى قطاعين وإلى نوعين؛ الاول تكون فيه العقود من موظفي الدولة المعدمين في الدوائر الحكومية، والثاني السوبر في بعض المؤسسات المستقلة عن نظام الخدمة المدنية".
واعتبر ان الأمر بحاجة إلى قرار جريء والى حزم
من جانبه، انتقد أحد النواب هذا التفاوت في الرواتب، وطلب من ديوان الخدمة المدنية وتطوير القطاع معالجة فروق الرواتب، موضحا أنه لا يجوز أن يكون هناك تفاوت كبير بين رواتب القطاع العام والمؤسسات المستقلة، او في نفس المؤسسات؛ حيث تصل رواتب الموظفين إلى ألفي دينار، إضافة إلى السفر ومياوماتها والامتيازات الأخرى، علاوة على ذلك فهي تعمل بنظام خاص، وتمنح لموظفيها رواتب أفضل وتوفر لهم راحة، وما له من انعكاس ذلك على العمل وتطبيق البيروقراطية
الى ذلك تشير تحدى الدراسات الحكومية المتخصصة ان "الإشكالية الحقيقية تكمن في عدم وجود معايير تحدد الرواتب، ولا أسس واضحة لاحتسابها، وان كثيراً من المؤسسات المستقلة القائمة حالياً، لا ينطبق عليها الهدف الذي تعمل باسمه".
في النهاية فإن السؤال المطروح: هل ستقوم الحكومة في أولى خطوات الإصلاحية بإخضاع رواتب الموظفين في الهيئات والوحدات الحكومية المستقلة لنظام الخدمة المدنية، وترك الخيار للموظف للاستمرار في العمل، وفق نظام الخدمة المدنية، او تقديم الاستقالة؟