07-02-2017 07:05 PM
سرايا - سرايا- أظهرت دراسة حديثة نشرت في مجلة ” العلوم والتكنولوجيا البيئية” أن مواد تغليف الوجبات السرية التي تحافظ عليها من الملوثات الخارجية، قد تكون سبباً للتلوث والخطر.
ومن بين المواد المستخدمة في التغليف المواد المشبعة بالفلور، الـ”مفلورة”، والتي تعد فئة من المواد الكيميائية التي تجعل أواني القلي مقاومة للالتصاق وتساعد سترات المطر ولفافات الوجبات السريعة على التنافر مع السوائل، وهي المسؤولة عن الخطر الأكبر وفق الدراسة.
وأجرى الباحثون اختبارات على أكثر من 400 تغليف للوجبات السريعة من مطاعم في أنحاء الولايات المتحدة ووجدوا أن أكثر من ثلثها تحتوي مواد كيميائية “مفلورة”.
وتعمل هذه المواد على التنافر مع السوائل والدهون ولا تمتصها وبذلك تحافظ على مكوناتها كما هي لمدة أطول بعيداً عن الملوثات الخارجية، إلا أن هذه المواد الكيميائية سامة سبق أن ارتبطت بالإصابة بالعديد من الأمراض.
وتربط الدراسات بين تعرض الحيوانات للمواد الكيميائية المفلورة مثل حمض بيرفلورو الأوكتانويك”PFOA” وحمض بيرفلورو أوكتان السلفونيك “PFOS” ، وإصابتها بالتسمم التناسلي والتكويني وسرطان الخصية والسمنة وضعف المناعة.
وتذكر المؤلفة الرئيسية للدراسة لوريل شايدر وهي عالمة كيمياء بيئية من معهد “سايلنت سبرينغ”، أن “أغلب ما نعلمه مستنداً إلى المجتمع في ولاية فرجينيا الغربية حيث تعرض 70 ألف مقيم لنسب مرتفعة من حمض بيرفلورو الأوكتانويك”PFOA”.
وفي أواخر التسعينيات من القرن الماضي، أصبح سكان منطقة باركسبرغ من ولاية فيرجينيا الغربية دون إرادتهم موضوع اختبار لدراسة أثر حمض بيرفلورو الأوكتانويك”PFOA” على الإنسان. فكان مصنع دوبونت القريب من المنطقة يسرّب المادة الكيميائية لإمدادات مياه الشرب على مدى سنوات. وكان من شروط التسوية القانونية التي تلت ذلك إنشاء لجنة علوم مستقلة لإجراء دراسات حول الأثر الصحي للمادة الكيميائية على المقيمين في المنطقة.
وتمكنت المجموعة التي سميت لجنة C8″ ” العلمية، وهو رمز لاسم آخر لمركب حمض بيرفلورو الأوكتانويك “PFOA”، من تحديد أن حالات من الإصابة بسرطان الكلى وسرطان الخصية إضافةً لأمراض الغدة الدرقية قد تكون مرتبطة بتعرض السكان لحمض بيرفلورو الأوكتانويك”PFOA”.
ما تأثير هذا المواد على ساندويشات البرغر المفضلة لدى الكثيرين؟
وتقول شايدر ” لم نتمكن من تحديد أي التغليفات تحتوي على مواد كيميائية مفلورة بمجرد النظر لهم”. ولذلك استخدم فريق البحث جهازا يوظف تقنية القياس الطيفي لانبعاثات أشعة غاما بتحفيز من الجسيمات الدقيقة من أجل اختبار احتواء المغلفات أو اللفافات على الفلور، ومن خلال قياس أشعة غاما المنعكسة، يصبح العلماء قادرين على تحديد وجود الفلور من عدمه. وخلال ذلك قاموا باختبارات للانبعاثات الطيفية على 20 مغلف طعام لتأكيد وجود حمض بيرفلورو الأوكتانويك”PFOA”.
وتميل المواد الكيميائية المفلورة الأقدم وذات السلاسل الطويلة المعقدة مثل حمض بيرفلورو الأوكتانويك “PFOA” إلى عدم التفكك بسبب امتلاكها الكثير من الروابط الكيميائية بين ذرات الكربون والفلور والتي تعد من أقوى الروابط الكيميائية في الطبيعة، ما يعني أنها غير قابلة للتحلل بسهولة إذا ما دخلت جسم الإنسان.
فيما تعد هذه المواد ثابتة للغاية وسهلة التحرك في ذات الحين لدرجة أن الدببة القطبية في القطب الشمالي قد تحتوي أجسامها على هذه المواد الكيميائية. وفي الولايات المتحدة، كشفت دراسة من مركز مكافحة الأمراض أجريت على أكثر من 2000 شخص تزيد أعمارهم عن الـ12 عاما أن كل الأفراد في الدراسة تحتوي أجسامهم على مواد كيميائية مفلورة.
ووسط المخاوف المتزايدة، بدأت الشركات المصنعة في الولايات المتحدة بالتخلص التدريجي من أحماض البيرفلورو أوكتانويك”PFOA” ومواد كيميائية مفلورة ذات تركيب كيميائي من السلاسل الطويلة أخرى لكن على الرغم من أن الشركات المصنعة وافقت طوعاً على التوقف عن استخدام حمض بيرفلورو الأوكتانويك “PFOA” في عام 2011، إلا أن 20 عينة من ضمن العينات التي تم اختبارهم بالطرق التقليدية احتوت على المركب.
وفي الوقت نفسه، تستخدم شركات أخرى مواد كيميائية مفلورة ذات سلاسل أقصر بدلاً من حمض بيرفلورو الأوكتانويك”PFOA” لأنها لا تبقى لفترة طويلة في الجسم.
وقالت شايدر ” نحن نملك بيانات أقل حول تأثيراتهم الصحية المحتملة”. ومن بين 33% من العينات التي كانت نتائج الاختبارات عليهم لتحديد احتوائهم على المواد الكيميائية المفلورة تبين أن 47% منهم قادمين من مغلفات طعام سلسلة “Tex-Mex” ومغلفات الحلوى والخبز، و38% منهم من مغلفات السنادويشات والبرغر، و20% من علب الورق المقوى الذي غالباً ما تقدم البطاطا المقلية فيها. أما الأكواب الورقية فكانت المغلفات الوحيدة التي لم يعثر على مواد كيميائية مفلورة فيها.
وتقول تراير الباحثة في وكالة البيئة الأوروبية إن ” 40 إلى 60% هي النسبة التي كنت أحصل عليها مراراً وتكراراً في أبحاثي الخاصة”.
ولم تحدد دراسة شايدر إن كانت المواد الكيميائية المفلورة تهاجر من المغلفات إلى الطعام الذي نتناوله لكن حتى إن لم تكن تنتقل هذه المواد بينهما، سيكون من الخطر وصولها للجسم نظراً لدورة حياتها الطويلة.
كما أظهرت الدراسة منطقة باركيرسبيرغ، أن بإمكان الناس التعرض لهذه المواد الكيميائية بمجرد العيش في المجتمعات التي يتم إنتاجها فيها.
وذكرت شايدر ” عادةً ما نفكر في رمي اللفافات والتغليفات الورقية فيها حيث تعد مواد قابلة للتحول لسماد. وأصبح لدينا الآن مواد كيميائية ثابتة جداً لا تتحلل مخلوطة في السماد الذي نستخدمه في حدائقنا أو في مناطق زراعة المحاصيل الغذائية”.
من جانبها قالت تراير” إحدى أبرز الدروس المستفادة من الدراسات في الدنمارك هي أنه من الممكن العثور على بدائل أحد أكثر التغليفات شيوعاً، الفشار سريع التحضير في الميكروويف، عثر على بديل بواسطة أوراقه المخصصة لذلك الخالية من الفلور”.