20-02-2017 09:42 AM
بقلم : د. نزار شموط
حددت الحكومة موعد انتخابات اللامركزية في خطوة لتطبيق هذا النهج كبديل عن المركزية ، بهدف إعطاء مساحة من اتخاذ القرار لمن ترتأي الحكومة انهم مخولون عنها في ادارة اقاليمهم ومحافظاتهم بالشكل الذي يحقق الأهداف المنشودة ويسعى لتحقيق التنمية الشاملة بالشكل الامثل ، كل حسب الصلاحيات التي ستناط بهم .
فهم يمثلون جميع ادارات خدمات الدولة في مناطقهم سعياً لتسهيل وتبسيط العمل والاسراع في انجاز المعاملات والخدمات التي يحتاجونها، لان حصر السلطة بالعاصمة يؤخر تقديم الخدمات وسير العمل بسبب الاجراءات الادارية الكلاسيكية المتبعة.
لقد حظى موضوع الحكم المحلي او ما يسمى باللامركزية باهتمام كبير في الكثير من الدول ، باعتباره القاعدة الادارية والسياسية للنظم الحاكمة فى الدول الحديثة ، بغض النظر عن فلسفة او ايدولوجية الحكم السائدة ، ويُمهد للمشاركة الشعبية لتقديم الخدمات والتنمية عن طريق الاعتماد على الذات من منطلق المسؤولية الاجتماعية لسكان المدن والارياف فى بناء الدولة وتكامل البناء الاقتصادي للوطن .
وقد أثبتت التجارب والدراسات المتعلقة بالموضوع ان هناك مزايا وعيوبا لاستخدام هذه السياسة، وهناك عوامل مؤثرة في تطبيقها .
فاللامركزية تتمثل في تفويض السلطة سواءً منها التنفيذية أو التشريعية أو المالية أو بعض منها من المستويات العليا إلى المستويات الأدنى .
واللامركزية تتكون من مصطلحين : الاول اللامركزية وهي تفويض الادارة المركزية السلطات المناسبة الى الادارات البعيدة عنها جغرافياً .
والثاني التفويض , ويقصد به تخويل السلطات الدستورية المحلية الصلاحيات اللازمة للقيام بالمهام والوظائف الموكلة اليها .
وهذا يدلل على ان مصطلح اللامركزية مرتبط ارتباطاً مباشراً بالمركزية، وان كلا المفهومين يوضح درجة التفويض ، حيث يدل إن أقصى تفويض يكون في اللامركزية وعكسه في المركزية التي لا تفويض فيها .
ولنظام الحكم اللامركزي ثلاث فوائد أساسية:
الفائدة الأولى: إن المسؤولين المناط بهم ادارة مناطقهم (الحكومات المحلية) من خلال الصلاحيات المخولة لهم يختصرون كثيرا من الحلقات الأجرائية السابقة لتنفيذ ما تحتاجه مناطقهم وبشكل مباشر .
الفائدة الثانية: إن إدارة الحكم اللامركزية تخلق فرصا اكثر لمشاركة المواطن وإسهامه في خدمة منطقته.
الفائدة الثالثة: في استطاعة الحكومات المحلية أن تكون أكثر تجاوبا وتكيفا مع الأوضاع المحلية الأمر الذي يؤدي إلى فاعلية أكبر في اجراءاتها , فضلا عن ان اللامركزية تؤدي الى ايجاد التعددية والمشاركة الفاعلة الحقيقية في الحياة السياسية بصورة ديمقراطية وعادلة بعيدا عن التفرد في الحكم واحتكار السلطات بيد شخص أو مجموعة قد لا تكون قراراتها صائبة ، ويحقق التوازن بين السلطة المركزية والسلطات المحلية لكل محافظة او اقليم .
وبالرغم من الفوائد المترتبة على تطبيق اللامركزية الا ان الأدب الاداري اكد على امكانية وجود مساوىء لنظام اللامركزية ، فاللامركزية بحد ذاتها لا تضمن إدارة أفضل للحكم .
ففي الواقع تخلق اللامركزية غير الفاعلة أو غير الملائمة من المشكلات أكثر مما تحل .
ولذا فانه لأمر أساسي أن يتم تطبيق اللامركزية بعناية من أجل ضمان فاعلية الادارات المحلية، اذ قد تكون اللامركزية غير ملائمة في بعض الظروف، ويمكنها فعلا أن تؤدي إلى تدني نوعية إدارة الحكم .
ففي الدولة الصغيرة يمكن للحكومة المركزية أن تحقق قدراً أعلى من الفاعلية من خلال تنسيق عمل الحكومة بدلا من إيجاد كيانات محلية مستقلة ذاتيا ، ويمكن للامركزية اذا لم يمهد لها بالشكل الصحيح أن تقود إلى خسائر وعدم استقرار على مستوى الاقتصاد الكلي , ويمكن ان تحدث فجوة بين الأدارات العليا في المركز والادارات المحلية اذا انقطع التنسيق .
لذا كان من الاجدى ان تتوجه الحكومة لتبني سياسة « التدرج المرحلي » في تطبيق المشروع ، بدءاً بالمرحلة الأولى والتي يطلق عليها « بناء القدرات » لتمكين الإدارات المحلية على مستوى المحافظات من التعامل مع الموازنة السنوية المخصصة لكل محافظة بهدف بناء قدرات إدارية مؤهلة للتعامل مع تطبيقات اللامركزية , واختيار نماذج من المحافظات لتطبيق اللامركزية الإدارية عليها بهدف اكتشاف جوانب الخلل قبل التطبيق على ارض الواقع , ولكن المطلوب ايضاً اقرار مشروع الأقاليم وتحديد مضامينه للجميع , والعمل على تعديل التشريعات الادارية بما يتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة والمتعلقة بتطبيق هذا النظام في ادارة الحكم ، وتأهيل القيادات في الأدارات المحلية الجديدة لمعرفة ماهو مطلوب منهم بالشكل الذي يحقق الأهداف المنشودة لتطبيق نظام اللامركزية بالشكل الأمثل .