07-03-2017 08:44 AM
بقلم : ديما الرجبي
لم يُمضي ذلك الذي منحته اللغة علةً أبدية ترافقه أينما كان وأينما حلّ
واحداً وثلاثين ربيعاً أمضى جُلها في تقشير البرتقال اليافوي على جبال رام الله وهو ينظر إلى القدس ... حتى صدأُت مديتهُ !!
لربما قال ذات يومٍ لغيمةٍ تطوف فوق مآذن الأقصى أمكثي فقد حان موعدُ الصلاة ... وكان يظنُ أن تلك الغيمة لم تُدرك بأن القبلة قد حولت من بيت المقدس إلى البيت الحرام ... لكنها لم تستجب وبقيت تداعب ناظريهِ إلى أن حلّ الظلام ... فأدرك حينها أن تلك الغيمة الخجولة لم تستجب لهُ لأنها كانت تحاول أن تبتعد عن مسار رصاص الإحتلال ..
فإنقض على مديتهِ الصدأة وحفرعلى صدرهِ وصيته قائلاً إما أن نموت وإما أن نعود....
باسل الأعرج ... الأقدر على زلزلة أركان أمان الإحتلال، الرجل الواحد في الغرفة الواحدة الذي أخرج قوات حربية محتلة مدججة بالأسلحة لمحاربته وحدهُ ؟!
ليستشهد ويرتقي ويبقى الخوف من " موتهِ " حاضراً في قلوب الجبناء فيختطفون جثته ... خشيةً من بعثهِ ... لربما في بطولتهم بعثٌ جديد ...
هؤلاء الفتية يصنعون من صمودهم وصمتهم ومقاومتهم صواريخاً تخشى إسرائيل البائسة أن يطالها " تلويحة" مباغتة من يدِ أحدهم ...
تلك المعتقلات الصاخبة بإعتقالاتهم وإضرابهم يخشاها الجلادون رغم ساكنيها المُكبلين ... اولئك الذين يحتضنون جيوب بناطيلهم ويخرجون أياديهم منها على مرمى بندقية من مُحتل قادرين على جعل الجبناء يفرون خوفاً وجزعاً .. هم الجبناء ونحن المتخاذلون ؟!
رغب الشهادة ... ونالها ... له النعيم ولنا الخزي من بعده ...
أسرف من سنون حياتهِ ما يكفي ... وإرتضى لنفسه الشهادة تاركاً وصيةً أقرب ما تكون إلى رسالة إلى من لا يعلم معنى الوطن ...
بدأها بتحية عروبةٍ تخلوا من نفاق زُمر التحرير الذين يدعون حُب الوطن ..
وأفاض بسطورها خشيةٍ من الله وخوفاً وأملاً أن لا يكون من المرائين ووصف وصايا الشهداء "بالمختزلة " التي توحي بعجلة الرحيل إلى النعيم فلا وقت للإسهاب وهم يرتقون ...
وأنهى وصيته بأن من الحماقة أن لا تفكر أن تكون شهيد ؟!فهل هناك أبلغ وأصدق من تلك الشهادة ... هكذا يقول ..
وهكذا يجعل البحث عن الإجابات مهمة الأحياء ... أما سكان القبور فلا يبحثون إلا عن رحمة الله ...
فلا حرج عليك من تخاذل الأمم يا باسل وسلامٌ عليك وعلى شهداءنا الأبرار ...
أتعبتنا يا باسل فلسطين ...