07-03-2017 08:46 AM
بقلم : د. فيصل الغويين
كلمة (الحوار)، غير مرغوبة عربياً، لا من قِبَل الحكومات، ولا من قِبَل المنظمات والأحزاب السياسية المعارضة.
فالحكومات كانت تعتبر (الحوار) مدخلاً لعملية ديمقراطية لا تريدها في أوطانها، كما أنّ الحوار( يعني اعترافاً بوجود رأي آخر غير رأي الحاكم الذي يفترض أن يكون هو الأصحّ دوماً!.
أمّا الحركات السياسية المعارضة، فكان معظمها ينظر بعين الارتياب إلى كلمة (الحوار) لأنّ فيها إمكانات التنازل عمّا لديها من أفكار وبرامج عمل وأساليب عنفية في بعض الأحيان.
فلا الحاكم كان يرغب بمشاركة أحدٍ معه في الحكم أو في صنع القرار الوطني، ولا المعارض كان يرى مجالاً للمساومة على برنامجه وأسلوبه في العمل!.
لكن المشكلة لم تكن فقط بين "الحاكم" و"المعارض"، بل كانت أيضاً داخل "الحكم" وداخل "المعارضة"، حيث لا مجال لتعدّدية الرأي بشكلٍ حرٍّ وصريح في أيٍّ من "المعسكرين".
وها نحن نجني الثمار المرة، ويصل الجميع الى الحائط.
الحوار معرفة، وأصول ، وأدب، وقدرة على التحليل السليم المبني على الواقع والوقائع لا على الرغبات والأماني، منطلقه العقل لا العاطفة. يعترف بالتعددية ويحترمها، لا يدّعي احتكار الحقيقة، والوصاية على عقول الناس. يعترف بالأخطاء ولا يكابر، يؤمن أن الأفكار والتحربة البشرية غير كاملة، وهي ليست فوق النقد، والا عاكست مجرى التاريخ، وعجزت عن الاستشراف، وتجاوزها الزمن.
كم نحتاج إلى تربية أجيالنا الجديدة على المرونة في التفكير، والتسلح بالمنهج العلمي الجدلي، فهي المخرج من حالة الانسداد، والجمود الفكري، وهذه مسؤولية نظامنا التربوي من الروضة الى الجامعة، وهذا كفيل بانتاج عقول قادرة على إدارة الخلافات والازمات بمنهج علمي عقلاني مستنير، وعندها تضعف مظاهر التطرف في الفكر والسلوك، ونصبح أكثر مناعة، وأكثر قدرة على حل مشكلاتنا المعقدة والمتراكمة في مختلف المجالات.