16-03-2017 09:42 PM
بقلم : زيد ابوزيد
ما زال القانون الطبيعي القائل "ان الماء الراكد سرعان ما يصير اسناً " تفوح منه رائحة النتانة والعفن، وتعافه النفس وتزكم رائحته الانوف وتتجنبه الحيوانات ولا تحط عليه الطيور ، فكانت حكمة الله تعالى في تحريك مياه البحار والمحيطات بالأمواج والتيارات السطحية والعميقة والمد والجزر حتى تبقى هذه المياه سليمة معافاة لتعيش فيها المخلوقات المتسقة معها, ولتكون طعاماً طيباً للانسان الذي احل له الله صيد البر والبحر فاين نحن من المياه الراكدة الآسنة اذن.
ان اصحاب العقول النابهة والوازنة قديماً وحديثاً ادركوا حقيقة الحركة فقالوا : "ان الثبات موت" وفي الحركة البركة , لذلك انطلقوا للتجديد ورفض كل ماهو ثابت وغير متحرك , وحين اعترض عليهم دعاة القعود و المحافظة واجهوهم بالقول: ان كل جديد لا بد وان يصبح قديماً بعد مرور السنين وتغير المكان والزمان وبهذا حقق هولاء النابهون قديماً وحديثاً التقدم لمجتمعاتهم ودولهم . ولنا في تجارب الاخرين عبرة وموعظة .
ان ما دفعني الى كتابة هذه المقالة ما اراه واسمعه من بعض المتفيهقين القاعدين جسمياً وفكرياً ممن اعترض على فكرة تغيير وتطوير المناهج والكتب المدرسية بل وكل النظام التعليمي الذي يجب ان يشهد تغييرا جذريا يشمل البيئة التعليمية وعناصر المنهاج والكتب المدرسية بل وحتى أسس انتقاء المعلمين والمدراء وشكل البناء المدرسي والغرفة الصفية التي يجب ان تكون مشغلاً ومخبراً ومعرضاً لكل مادة تعليمية لتطبيق التعلم المحسوس والابتعاد عن المجرد اسوة بنموذج فنلدا، وهنا استغرب انه كلما تقدم مفكر او مصلح ليطرح حجراً في المياه الراكدة التي شابت النظام التعليمي في اردننا العزيز انبرى البعض للنقد والتجريح ووضع العصي في دواليب الأفكار النيرة التي تعود على المسيرة التعليمية بالخير والبركة لأبنائنا الذين هم عدة الوطن وعتاده لتنجلي النتائج فيما بعد عن منجزات اعترف بها القريب والبعيد, سواء على مستوى ضبط وتحسين المخرجات التعليمية التي شابها الكثير من العوج في عقود ماضية أو على مستوى اختيار المعلم الكفء عن طريق الاختبارات الموجهه لا على مستوى الدور فقط في ديوان الخدمة المدنية,كما كانت برامج التدريب للمعلمين فيصلاً في تحسين التعليم وبخاصة أكاديمية الملكة رانيا ,ولا ننسى فلسفة التعليم التي ثبت أنها لم تعد مجدية في تقدم مسيرة التعليم والتوجه بقوة نحو التعليم الصناعي وتقديس الحرفة ذلك أن التعليم النظري وحده لم يعد كافيا لنهضة الشعوب .وهنا دعوني اتعرض ولو بكلمات قليلة للهجمة الشرسة التي يشنها البعض على المناهج الجديدة التي اجزم انها تفتقر للكثير تحتاج الى تعديل وتطوير وتثوير.
ان المناهج في اردننا العزيز قد تعرضت عبر المسيرة الأردنية ومنذ الأستقلال الى كثير من النظر والتغيير والتطوير سواء على مستوى المواد الانسانية أو العلمية , غير أنها ظلت بحاجة إلى التغيير والتطوير , ويجب أن تتطور لتتماشى مع متطلبات العصر، فهناك مفاهيم يجب أن تبرز، ونربي أبناءنا عليها، مثل احترام الآخرورأيه، وتقبل الرأي الآخر، وحرية الاعتقاد والتعبير من دون الإخلال بالثوابت الأساسية ومنظومة القيم المستمدة من ديننا الحنيف وقيم المجتمع نوعا لا كما وبما يؤكد على ديمقراطية التعليم ومرونة النظام التعليمي والاخذ بالنماذج الناجحة كقياس في تشكيل نموذجنا الاردني الخاص الذي يجب ان يكون كالكائن الحي قابل للتطور في كل مرحلة مسترشدين بحديث جلالة الملك المفدى ان كل التشريعات يجب ان تشهد تغييرا ، ومن هنا كانت المناهج المطورة على القصور الذي شابها تطرح كعينة تجريبية ليرى أثر التغيير والتطوير فيها,تمهيدا لطرح مناهج تتناسب وطبيعة عصر العولة والحاسوب وثورة المعلومات الذي نعيش فيه والذي يشهد في كل يوم وحتى كل ساعة تطورا وتقدما كما تتناسب وقيمنا وتراث امتنا وتحذر من خطر التطرف والارهاب وتوجه الى مجالات العمل المطلوبة للتناسب مع رؤية الاردن 20/25، وهنا فانا لا ادافع عن المنهاج الجديد باعتباره الفيصل في التغيير والتجديد والتطوير، ولكن ادعو الى وقفة لاعادة المراجعه وأخذ راي اللجان الدارسة دون هجوم وتجريح دون دراسة واقعية للمناهج الجديدة آخذين بعين الاعتبار انها تجريبية وان ما تتناقله بعض المواقع هنا او هناك بعيد كل البعد عن واقع المناهج الجديدة، ولا ننسى ان بعض المناهج وطرائق التدريس اوصلت ابنائنا الطلبة الى طريق مسدود في التعلم، وان امية الحرف والرقم تفشت لسنوات في مدارسنا ، وان عقارب الساعة لا تعود الى الوراء ، ولنا أن نستنيرهنا بقول الامام علي كرم وجهه"دعو أولادكم يعيشون كما كما يريدون فانهم يعيشون لزمان غير زمانكم .
حفظ الله الاردن وحفظ رجاله الأخيار .