حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 18904

في ذكرى رحيل جلالة الملك الحسين بن طلال(طيّب الله ثراه)

في ذكرى رحيل جلالة الملك الحسين بن طلال(طيّب الله ثراه)

في ذكرى رحيل جلالة الملك الحسين بن طلال(طيّب الله ثراه)

06-02-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

اليوم وفي ذكرى رحيل المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال أغمد الله روحه فسيح جناته، نستذكر جميعا قائدا عظيما وملكا أسطورة وسياسيا محنّكا، نستذكر مهندسا معماريا استطاع أن يبني بجهده الدءوب وبقدراته الفذة ونظرته الثاقبة هذا الوطن الحبيب على أسس سياسية حكيمة ومتينة وقواعد ديمقراطية رشيدة وقوية، نستذكر في هذا اليوم طبيبا لم يكتف يوما بمداواة جراح الوطن فحسب بل كان حريصا دائما على معالجة كل ما يعصف بالمنطقة العربية من علل وأسقام، ودأب دون ملل وسعى دون كلل على مدى نصف قرن من الزمان إلى رأب الصدع والشرخ الذي كان يدق ناقوس الخطر في المنطقة بين الحين والحين، نستذكر اليوم المعلم الذي علّمنا معنى الوفاء والانتماء والتفاني في سبيل الوطن والعزة والكرامة والحرية، المعلّم الذي علمنا أساسيات المواطنة وأصول العدل والمساواة وقوانين الحريات والديمقراطية وفن التصميم والمثابرة، نستذكر اليوم الاقتصادي الماهر الذي حارب الفقر والبطالة بعلمه وعمله وإصراره على تحويل المجتمع الأردني من مجتمع قبلي بدوي رازح تحت كلاكل الاستعمار إلى مجتمع متطور منفتح في ظل دولة متكاملة العناصر ومتناسقة المكوّنات، نستذكر اليوم بمزيج من الحزن والألم والفخر والإعزاز القائد الإنسان والقائد الأب والقائد الرمز، القائد الكبرياء والعنفوان والياسمين والأقحوان...

في هذا اليوم نستذكر رجلا لم يكن كباقي الرجال، رجلا حمل على عاتقه بناء الأردن من الألف إلى الياء، رجلا صمد بأرضه وبشعبه أمام تيار متلاطم من المتغيرات والأحداث والصراعات العربية، رجلا حافظ وحمى وصان وجود هذه المملكة الهاشمية بالرغم من كل ما تعرضت له من هزات وقلاقل، رجلا تمكن وبصورة استثنائية وغير مسبوقة من ضبط إيقاع علاقاته الداخلية والإقليمية والمحلّية والعربية والدولية بتوازن مدروس وبمنهجية متوازنة وبتخطيط استراتيجي محكم بإتقان...

ومما يثير الدهشة والإكبار والذهول والإجلال قدرته الخارقة على التعامل مع الشارع السياسي الأردني على مختلف انتماءاته واتجاهاته وتياراته، وفتحِ قنوات تواصل مباشرة وحوار مفتوح مع كافة القوى السياسية المتواجدة على الساحة السياسية الداخلية، واستيعابه لاحتياجات شعبه بأسلوب علمي وعملي وواقعي وبصورة تميزت بالاقتدار والحرفية على احتواء هذا الشعب على مختلف أصوله ومنابته ومشاربه، مما كفل للأردن أمنا وأمانا واستقرارا نحيا في كنفه حتى اليوم وننعم بظلاله الوارفة وندين به إلى سياساته الحكيمة والسديدة والرشيدة رحمه الله وطيّب ثراه...

لم يكن الراحل العظيم المغفور له جلالة الملك الحسين ملكا عاديا، فعندما يمر بنا شريط الذكريات وعندما نسترجع المواقف والأحداث نجدنا واقفين أمام قصة نجاح وإنجاز صاغها رحمه الله خلال رحلته السياسية الطويلة بوعي المقتدر المحترف، وبحدس المثقف الواعي العارف ببواطن الأمور ودهاليز السياسة وموازين القوى الدولية وأبعاد الصراع العربي-الإسرائيلي بالرغم من جميع الضغوط الداخلية والخارجية...

هكذا استطاع رحمه الله أن ينأى بالأردن عن كل ما من شأنه أن يزعزع أمنه واستقراره ويقوّض تقدمه وتطوّره ونجاحه وإنجازاته ويهدد أمان وسلام وطموحات وسلامة شعبه بالرغم من تمركز رقعته في بؤرة سياسية ملتهبة، هذا دون أن يحرم الأردن عرشا وشعبا من أن يلعب دوره الأساسي كمحور رئيسي ومفصلي في السياسة الإقليمية والدولية بل وهب الأردن مكانة بارزة ومساهمة فاعلة ودورا استراتيجيا سياسيا واقتصاديا وجغرافيا ودينيا وثقافيا وإنسانيا على الرغم من محدودية المساحة وشح الموارد وقلة السكان.

لقد أثار رحمه الله الدهشة والحيرة حين تمكن جلالته من الصمود ولمدة 46 عاما بوطنه ومكوّناته وشعبه وطموحه وإنجازاته أمام كل ما تعرضت له المنطقة العربية بشكل عام والإقليم على وجه الخصوص من أزمات وحروب وثورات وانقلابات ونكسات وانتكاسات وأحداث عاصفة بدءا باحتلال فلسطين واندلاع قضية الشرق الأوسط مرورا بمعركة الكرامة الباسلة وانتهاء بغزو الكويت   

في هذا اليوم ونحن نستذكر ذكرى الحفيد الثاني والأربعين لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال ليس بإمكاننا رصد كل تلك التفاصيل الخيّرة والنيّرة التي فاضت بها حقبته العبقة، وليس بمقدورنا حصر ذلك الإرث التاريخي من النضال والاستبسال والكفاح والإعجاز السياسي والحنكة الدبلوماسية والمواقف الوطنية والعربية الأصيلة والجهود الجبارة الحثيثة التي بذلها جلالته على الصعيدين الداخلي والخارجي، لا يسعنا في هذا اليوم السابع من شباط إلا أن نقف وقفة فخر وتقدير وإعزاز لملك أدّى الرسالة بصدق وشرف وأمانة، ثم سلّم الراية وأودع الأمانة في يد من واصل المسيرة من بعده بنفس العزم والإرادة وذات الروح والتصميم والإيمان...

فمنذ أن تولى جلالة الملك عبد الله الثاني مقاليد العرش الهاشمي والمسيرة تسير بل وتعدو بنا إلى الأمام وإلى الأعلى والأبعد والأوسع والأعمق، وجلالته يتفانى في خدمة هذا الوطن وخدمة مصالح شعبه الوفي الأصيل ليكون خير خلف لخير سلف...

رحم الله المغفور له جلالة الملك المعظم الحسين بن طلال وأدام الله الصحة والعافية والمجد والعزة والبيعة لسليل الدوحة الهاشمية وعميدها جلالة الملك المعظم عبد الله الثاني وحفظه ذخرا وسندا لوطنه ولأمتيه العربية والإسلامية.

 








طباعة
  • المشاهدات: 18904
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-02-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم