01-04-2017 09:41 AM
بقلم : عمرعزم القرالة
يقول العرب أن الجود ثلاث :" جود من ماجود ، وجود حرارةٍ عن جلود ، و جود أَبٍ عن جدود"
، فالأردن جاد من ماجوده ، وبانت حرارة النفس الأردنية في استقبال الأشقاء ، وجاد الأب وشيخ العشيرة من أصله في أجداده ، وقد نجح المسعى ،اذ نحمد الله أن طاب مقام الضيوف في ديار بني هاشم ، الذين سعت نواياهم بين أوصال الإخوة تعيد الألفة والتمكين فيها ، فديار الكرام تألف الترحيب ، وتستأنس بالضيف .
قمة كانت عسكرية الدقة والترتيب ، سياسية النهج والتعامل ، أردنية الضيافة والأستقبال ، وملك قائد صنع لتواضع عرشا فعتلاه ، وأثبت كالعادة أنه الرقم الصعب ، وشخصية تحفظ درسك معها ، وتعرف أن السياسة حرفة الأذكياء قبل الاقوياء ، وأن المُلْكَ سيادة قبل أن يكون امتلاك ، والحُكْمُ اختبار التاريخ الأول ، بقي فيه الهاشميون من الأوائل .
قامت الدولة بدورها ، درست القضايا ووضعت الخيارات أمام القادة ، في خمس نقاط ذكرها قائد البلاد في الكلمة التي ألقاها ، اعترف بوضوح فيها بكم الصعاب والواجبات التي تقع على عاتق العرب ، بدأ قوله " الأردن هو الأقرب لفلسطين " وعليه مسؤولية حماية الأرض والمقدسات ، واكماله القول مخاطبا القادة " وأنتم السند والعون " ، و تطرق لجارة سوريا ، والشقيقتان اليمن وليبا ، واللتان فاق أمد التحديات فيهما أي حل سريع ، أو استبدال سهل للواقع هناك ، اذ أكد الاردن ايمانه بوجوب فرض حلول تاريخية تضمن الاستقرار لشعب الشقيقتين ، وتوضيح جلالته أننا أكثر دول العالم استضافة للاجئين من ويل الحروب والأرهاب ، وأن التطرف هو أخطر ما يهدد الأمة ، اذ يجب محاربته بكافة السبل والإمكانيات .
اختيار موقع القمة ، وتوفير طوق الحمايات ، جعلت سير المراسم والتشريفات تحترف العمل ، فكانت الدقة في كافة المراحل المطلوبة ، وعدم عقد القمة في العاصمة ، وانتقال مواكب ستة عشر ملكا ورئيسا ثمانين كيلو مترا بعيدا عن عمان دون ادنى خطأ يذكر لدليل سيطرة على المكان والظرف ، ورسالة تطمين لجميع ، وصك صدارة يمنح لمنظومة الأمن الأردنية في حماية ثغور الوطن ، وكان طابع الأستقبال الملكي الفخم الهادىء ، و الغني المتواضع ، يجعل للاحداث رونق آخر ، اذ ظهرت قوة الأردن ، وأين يكمن سر التركيبه ومصدر الثبات ، و تشابه ذلك مع تضاريس الأرض ، فمن أحياء دابوق الراقية سارت مواكب الملوك والرؤساء متوجهة الى البحر الميت ، مارة بالشوارع العامة وثم الصحراء وصولا الى هناك ، حداثة وبساطة وأصاله أثرت بتأكيد في ذهن الحضور ، وواثق أن الفوتيك لفت انتباههم ، فمهارة حرس الشرف ، وروعة آداءهم وهدوءه ، جعل الكثير يتأمل الدولة البسيطة التي صنعت من القليل كثيرا يفتخر به ، ولن ننسى أسود البلاط قوم الطواقي الخضر ، ذياب الوغى وقد انتشروا في المكان كضلوع الصدر تحمي القلب ، وبانت بركة الأرض وخير أهلها ، وأثبتنا أن الشجر العتيق يحسب عمر الأرض ، ويشهد على تغير الفصول ، فيصمد في العواصف ويثمر في الربيع .