03-04-2017 09:32 AM
بقلم : د. عادل محمد القطاونة
ضريبة على الدخل وأخرى على المبيعات، حد للتسجيل وحد للاعفاء، تهرب ضريبي وتخطيط اقتصادي، فجوة ضريبية وانعكاس ضريبي، تجنب ضريبي وازدواج ضريبي، اقتطاعات ضريبية وقطاعات اقتصادية، قوانين ضريبية ومعايير مالية وبين جملة من المفاهيم الضريبية المتناغمة تارة والمتعارضة تارة. يتطلع الكثيرون الى وجود منظومة شاملة تحاكي الاصلاح الضريبي بالنظام الاقتصادي المحلي والدولي مروراً بالملف الاستثماري حتى يصبح الاصلاح المالي والضريبي واقعاً حياتياً يلمس المواطن ايجابياته واقعاً حياتياً لا كلاماً شفهياً، وحتى يشعر المستثمر العربي والأجنبي وحتى المحلي في أن الدولة جادة في رؤية المستثمر شريكاً استراتيجياً في منظومة الاصلاح الضريبي والاقتصادي.
لقد أصبحت مواضيع الإصلاح الضريبي مؤخرا من المسلمات اليومية التي تعود عليها المواطن عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، وعلى الرغم من زخم ملفات الإصلاحات التي يرى الكثيرون فيها مصلحة وطنية من أجل إعادة ترتيب العديد من الأمور ذات الأهمية لمواجهة الاستحقاقات المستقبلية، إلا ان الإصلاح الضريبي ما زال مثار جدل للكثيرين من كافة الأطياف وخاصة من قبل العديد من الإقتصاديين والمستثمرين الذين يرون أن الإصلاح الضريبي يجب أن يتماشى مع التخطيط الاقتصادي وادارة الملف الاستثماري وتحقيق الرؤية الكاملة في الشراكة ما بين القطاع العام والقطاع الخاص حتى لا يتأثر المواطن سلباً بهذه الاصلاحات، حيث أن الاصل يقضي أن تسهم كل هذه الاصلاحات في تحسين مستوى حياة المواطن وتعزيز البنية الأمنية والتحتية وتطوير المرافق الصحية والتعليمية وخطوط النقل العام وتمكين المواطن من العيش بكرامة.
إن تحديد الأولويات الوطنية والسرعة في اتخاذ القرار والحسم في النتيجة والمتابعة للانجاز والتقييم الموضوعي في الإصلاح الضريبي يعتبر ذا أهمية قصوى حتى تتعزز المصداقية لدى المواطن ويلمس أن جوانب الإصلاح المنشودة أصبحت واقعاً ملموساً لا كلاماً مكتوباً، وأن يشعر أن هذا الإصلاح قد إنعكس على واقع حياته اليومية وتحديداً الإقتصادي منها.
لقد أُثْقِلِ المواطن الأردني بمواضيع ذات أبعاد ضريبية، مالية واقتصادية في صبيحة كل يوم أو اسبوع وتساءل البعض عن التخطيط الإقتصادي والاصلاح الضريبي الأمثل فإصلاح ضريبي وتخطيط اقتصادي لا يؤدي الى فرص عمل إضافية وخفضٍ لنسب الفقر والبطالة وتنظيم للسوق وحماية للمواطن من إرتفاع الأسعار والعيش بكرامه لا فائدة منه في نظر المواطن البسيط الذي ينتظر في نهاية كل شهر راتبه من أجل سداد إيجار بيته وقسط مدرسة ابنه ودفع فاتورة كهرباء ومياه عائلته!
إن الإصلاح الضريبي الذي يرافقه ضعف في الإمكانيات المتاحة وقلة في الموارد، وزيادة لحجم المديونية الخارجية والداخلية، وتزايد لنسب الفقر والبطالة، وإتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، وارتفاع في معدلات الزيادة السكانية، وتهميش للطبقة الوسطى، وغيرها من الاختلالات الاقتصادية تقودنا إلى ما يصبح الحديث عنه في كثير من الأمور أشبه بالترف الفكري.
إن العدالة الاقتصادية الإجتماعية وإجتثاث الفساد والبطالة والفقر وتوزيع مكتسبات التنمية هي المواضيع الأهم بالنسبة للمواطن الأردني بكافة أطيافه ، وليس كل المواطنين الأردنيين على إتصال وثيق بالقوانين الناظمة للإصلاح الضريبي فقانون ضريبة الدخل وقانون ضريبة المببيعات وقوانين الموازنة والجمارك والشراكة ما بين القطاع العام والخاص لا تشغل بال الكثير من المواطنين على الرغم من أهميتها في تنظيم الاصلاح الاقتصادي.
إن تحقيق الاستقرار الاقتصادي يتطلب ادارة الدعم الحكومي بشكل أكثر عدالة وربط الأجور بمستوى المعيشة، ورفع مستوى الحد الأدنى للأجور، والتوسع في تحفيز القطاع الخاص في الدخول بمشاريع حقيقية تعود بالنفع على المواطن بالدرجة الأولى، وتعزيز استخدام الحكومة الذكية والذكاء الصناعي، وتحقيق التنمية المستدامه وتحقيق العدالة وإرساء القواعد التي تحكم النشاط الإقتصادي بشفافية.
النظام الضريبي الشامل في انجلترا (دائرة الايرادات) HMRC على سبيل المثال لا الحصر يتناول ضرائب الشركات، البريكست، وضرائب غير المقيمين، والضرائب على العقارات بشكل شامل ودقيق ويبلغ معدل الضريبة حوالي ال20% مع وجود نية لتخفيضها الى 17% قبل العام 2020 وهي ادنى نسبة ضريبة بين اقتصادات مجموعة العشرين وهو ما دفع دولة كقطر لاقامة تحالفات اقتصادية مع بريطانيا بأكثر من 50 مليار دولار قبل أيام.
أخيراً وليس آخراً يجب أن يعمل النظام الضريبي على تقديم حوافز حقيقية للاستثمار المبكر وفي استغلال تكنولوجيا المعلومات، كما يجب أن تكون الاجراءات بسيطة جداً والعمل على زيادة الثقة ما بين الافراد والشركات، فالنظام الضريبي البريطاني كمثال يقضي بأن يكون الجميع على دراية بادق التفاصيل في القانون، وأن التغير وان حصل فانه سيكون لصالح المواطن والمستثمر من أجل طرد اية تخوفات مستقبلية وتعزيز الاستثمار، نظاماً يعزز من ثقة الأفراد بان ما يتم تقديمه من معلومات مالية هو صحيح وأن المواطن شريك استراتيجي للدولة، وأن الجميع يعمل من أجل هدف واحد وهو الارتقاء بالاقتصاد الوطني بما ينعكس على المستوى المعيشي للمواطن هنالك وفي الارتقاء بالخدمات الصحية والتعليمية لجميع المواطنين.