-->

حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8409

محمد طمليه .. رحلت أيها الرائع ؟؟

محمد طمليه .. رحلت أيها الرائع ؟؟

محمد طمليه  .. رحلت أيها الرائع ؟؟

24-10-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

ومن منا لا يعرف محمد طمليه ؟ ومن من الأردنيين لم يقرأ لهذا العبقري الذي طالما أضحكنا على انفسنا و أبكانا عليها في نفس الوقت ونفس اللحظة ؟ ان تكون لا تعرف محمد طمليه ...فأنت ببساطة متناهية ..لا تعرف المطر ...ولا تعرف الربيع القادم مع المطر ... لا تعرف ما يدور حولك .. لا تعرف الناس وهموم الناس ... لا تعرف نفسك ... لا تعرف البساطة في الحياة وتفاصيل هذه الحياة ... ...حدثني أحد الأصدقاء المشتركين ...فقال : سمعت صوته مرة عبر اسلاك الهاتف ( قبل انتشار الهواتف النقالة ) ...ذلك الصوت الرخيم الذي هو مزيج رائع ما بين الخشونة والصفاء ...صوت أجش ولكنه ينطوي على كل ما في هذا العالم من حزن الفرسان عندما لا يكون هناك فروسية ...كان يبكي بكاء من النوع الذي يذكرك بتواضع المياه وشفافيتها ...سألته عما يبكيه ..وما الذي حدث ؟ فأجاب بأنه اراد ان يسمع صوتي فقط وليس اكثر ...كان نشيجه يشبه تقصف الأغصان وخشخشة اوراق الخريف في ليلة خريفية عاصفة ...كان ...ربما ...يشبه بكاء والدتي عندما غادرت قريتها في فلسطين عام 1967 م نازحة بنا الى الزرقاء ...لتعيش معنا زمن القحط والحرمان من ابسط شروط الحياة الإنسانية ...كان بكاؤه يذكرني بكل ما هو حزين وبائس ومحروم ...سأله صديقنا المشترك : ما بك ؟ لماذا تبكي ؟ أجابه طمليه : انتهى الأمر ..وصلت الى قرار ..وصلت الى النهاية ...دب الرعب في اوصال صديقنا المشترك ..اذ فجأة تقافزت الى ذهنه صور لؤي كيالي وخليل حاوي وتيسير سبول ومصطفى الحلاج ومحمد الماغوط وكل الذين رحلوا عن عالمنا هذا من المبدعين الأصلاء المنتمين حقا لشعوبهم وأوطانهم ولقضايا تلك الشعوب والأوطان ...ويضيف صديقنا المشترك : رجوته والححت عليه بالرجاء الا يرتكب اية حماقة في حق نفسه ...فأجاب : لا تخف ...فلن اقتل نفسي ...ربما قتلت شخصا آخر ...سأله : من ؟ فأجاب : أنا ...نعم أنا ...وأغلق الهاتف .... ارحمني يا الله !!! وساعدني على الفهم والأستيعاب ....هو ؟؟؟ وهل هو غير هو ..أي معادلة هذه ؟ .معادلة في غاية الصعوبة بحيث تستعصي على الفهم ... ويسترسل صاحبنا المشترك فيقول : أي بؤس وأي شقاء يدفع بصديقي المبدع للتفكير بهذه الطريقة ؟ وكيف يفكر بتدمير اكثر من خمسة عشر عاما من الإبداع في فن هو فارسه الوحيد ؟ ولكني كنت اعلم ...يضيف صديقنا المشترك ...بأنها ايضا خمسة عشر عاما من الإنهاك والحسرة والجوع والفقر والألم والإنطفاء وقتل الرغبات ووأد الأحلام الكبرى والصغرى ...خمسة عشر عاما من انحلال الصداقات وتفرق الأحبة وتشتيت الشمل والجري وراء المصالح الضيقة لهذا الصديق أو ذاك ...خمسة عشر عاما وصديقي طمليه يتربع على عرش ملكوته الخاص ...ينسج من خلايا قلبه ودماغه ثيابا تعرينا وتعري عيوبنا ومخازينا اكثر مما تسترنا وتستر فضائحنا المكشوفة أصلا والمستترة ...كان ينسج عكس كل ما نسجه وينسجه الآخرون ...أشياء تملأ العين والقلب ...ولكنها لا تملأ الجيب ...! ويضيف صاحبنا المشترك : استطعت ان التقيه قبل تنفيذ قراره ...تقاسمت وإياه مرارة اللحظة ...وتجرعنا كأس البؤس حتى الثمالة ...وأقنعته بنبذ الفكرة الجهنمية ...شجعته أن يتسلح بلسان طويل ..ربما اطول من صوت فرعون ...شتمنا ولعنا هذا العالم القبيح المتسلح بالرعب والقبح والهزيمة ...والمتمرد والرافض لكل ما هو جميل ...غنينا معا للبسطاء من الناس وللعمال والفلاحين في بلادنا ...وأنشدنا مواويل التشاؤم ونظمنا قصائد كثيرة نذم فيها المتفائلين البلهاء من اصحاب الحكمة الكاذبة والدبلوماسية الزائفة .. وهجونا من خلالها أولئك البرجوازيين والسماسرة الصغار والكبار ...وشربنا نخب الحقيقة الرائعة ...وهي اننا ما زلنا ورغم كل شيء ...رغم أنوفهم ...ما زلنا نعيش ...ما زلنا احياء ....كان ذلك عام 1999 م .... محمد طمليه ...! عليك رحمة الله ...ايها الصديق ...وستبقى خالدا في ضمير شعبك ايها الجميل








طباعة
  • المشاهدات: 8409
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-10-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم