06-04-2017 09:02 AM
بقلم : الدكتور كايد الركيبات
كانت خطوة الحكومة بفتح بعض المهن أمام الأشقاء السوريين، خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن الوقوف عند تلك الخطوة لن يحل مشكلة الأوضاع الاقتصادية الأردنية أو مشكلة الأشقاء السوريين في المملكة.
وكان على الحكومة الأردنية أن تستثمر اللجوء السوري للأردن في خدمة الاقتصاد الأردني، وفي معالجة مشاكل التنمية في محافظات الأردن الجنوبية الأربع، فاللاجئون السوريون في مخيمات اللاجئين الذين زاد عددهم عن مليون وربع لاجئ يشكلون ثروة بشرية هائلة لو تمكنت الحكومة الأردنية من التعامل معها والعمل على توزيعهم على كامل أقضية وألوية وقصبات المحافظات الجنوبية الأربع.
ومن خلال هذا التوزيع يمكن الاستفادة من تشغيل المناطق التنموية في المحافظات الجنوبية، والتي كان يجب ضخ أموال المساعدات التي قدمت للاجئين في توسيع بنيتها التحتية، وفي دعم إقامة مشاريع تجارية وصناعية صغيرة في مختلف المناطق السكنية في محافظات الجنوب.
سيما وان الخدمات الحكومية من مدارس ومستشفيات ومراكز صحية، ومكاتب عمل ومراكز أمنية، متوفرة في كل تلك المناطق، وبإدارة جيدة لتلك المرافق الحكومية بإمكانها تقديم خدماتها لكل اللاجئين الذين يدخلون منطقة اختصاصها، وبذلك نصل لحالة من التشغيل الأمثل لهذه المرافق، وإذا ظهر حاجة للتوسع في تقديم الخدمات يكون هناك ميزانية لهذه التوسعة على حساب أموال المساعدات الخارجية، ويحقق لنا هذا الوضع فرصة استثمار البنية التحتية في مناطق المحافظات بدل أن تُضخ في مناطق المخيمات مثل الزعتري وغيره.
ويمكن أن يسهم توزيع اللاجئين السوريين في مختلف المناطق السكنية للمحافظات في تنشيط الحركة التجارية، لتواكب متطلبات هذا التغير السكاني، إضافة إلى ذلك سينتج طلب إضافي على القروض والتمويل الذي سيضخ رؤوس أموال في مشاريع تجارية وصناعية صغيرة، يمكن أن تستثمر العمالة السورية وتجعلها منتجة ومعززة للاقتصاد الوطني.
إضافة إلى ما تقدم يمكن أن يسهم هذا التغير السكاني في تحفيز قطاع الإنشاءات والبناء لتوفير مساكن ومتاجر ومستودعات ومزارع يكون لها دور كبير في تحريك العجلة الاقتصادية للمملكة.
والبعد الآخر والذي يعد من الأهمية بمكان أن توطين اللاجئين السوريين في مناطق الجنوب المختلفة سيؤدي إلى الحد من ظواهر العصبية القبلية السلبية، لان تواجد اللاجئين يجب أن يتمركز في مراكز المدن والأماكن السكانية، ونتيجة هذا التمركز سيجد أبناء المنطقة الأصليين الفرصة متاحة أمامهم للسكن في الأطراف، وتتشكل بذلك لكل منطقة سكنية شيئا فشيئا ضواحي تكون أكثر تنظيماً واتساعاً من مراكز المناطق السكنية القديمة، وهذا يعكس رفاه اقتصادي وتطور اجتماعي على أفراد المجتمع.
ومرة أخرى فإن وجود اللاجئون سيسهم في ازدهار اقتصادي واجتماعي وتنموي شامل إن أحسنت الحكومة التعامل مع هذا الظرف.
أما مسألة المخاوف الأمنية من التواجد السوري على الأرض الأردنية فهي مسألة مبالغ فيها كثيراً، ويمكن للأجهزة الأمنية المنتشرة في مختلف نواحي المملكة السيطرة على الموقف بشكل كامل، فتوزيعها الجغرافي لن يتأثر من أي خطوة يمكن أن تقدم عليها الحكومة تصب في اتجاه استثمار اللجوء السوري، وبذالك يتحقق هدفان في ذات الوقت حل مشكلة التنمية الشاملة في المملكة وحل مشكلة اللجوء السوري بتحفيزه للمساهمة في العمل والإنتاج في السوق الأردني.
وبالنسبة للمعترضين على الوجود السوري أو المتخوفون من توطين اللاجئين السوريين في الأردن فلا مبرر لهذا الاعتراض، ما دام أن مساهمتهم في التنمية ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد الأردني بشكل عام، وسيجد الأردني أن فرصه إنشاء مشروعه الصغير في منطقة سكنه أجدى إذ سيزداد العدد السكاني وتتوفر العمالة وتتغير الثقافة المجتمعية نتيجة تأثير هذه العوامل.
kayedrkibat@gmail.com