09-04-2017 12:58 PM
سرايا - سرايا - هذا القول لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ذكر ذلك؛ لأنه من أشراط الساعة تجارة السلطان ، ومن هنا قال الخليفة عمر بن الخطاب : لا يحل لعامل تجارة في سلطانه .لقد جاء في كتاب الأحكام السلطانية للفقيه أبي الحسن الماوردي أنه لا يجوز للولاة والوزراء استغلال مناصبهم السياسية في عقد الصفقات التجارية ، فالحاكم ومن يعاونه ليس لهم الحق في أن يدخلوا في التجارة بائعين أو مشترين لخطورة ذلك على الرعية اقتصاديا واجتماعيا ، حيث يتحكمون بالأسعار ، ويحتكرون السلع، ولربما لا تخضع تجارتهم للضرائب والمكوس التي تخضع لها تجارة الآخرين، وهذا مما يسبب ظلما للتجار وللرعية ، وركودا في الاقتصاد وخسارة في تجارة عموم التجار.
فقد روي عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه عين واليا اسمه الحارث بن كعب، فرأى أثر الغنى ظاهرا عليه ، فسأله عمر عن مصدر ثرائه فأجابه بقوله : خرجت بنفقة معي فتاجرت بها فقال له عمر : أما والله ما بعثناكم تجارا ، بل بعثناكم لتتفرغوا لمصالح الرعية ، والقيام على أمر الدين والدنيا في حياة الرعية ، وإقامة العدل بينهم وحفظ الأمن، والضرب من حديد على أيدي الفاسدين والمجرمين، حتى تأمن الرعية على مالها ودمائها وأعراضها ، وأن يتفرغ الحكام ومعاونوه للعمل والإنتاج وعمارة البلاد ، فإذا صرف الوالي ومعاونوه وقتهم إلى التجارة ، فلم يعد لديهم وقت لمهمتهم الأصلية التي اختيروا من أجلها . وقد عقد ابن خلدون فصلا ذكر فيه أن تجارة السلطان مضرة للرعية ، حيث ذكر فيه أن دخول السلطان في ميدان التجارة أو أعوانه ينافي تعاليم الإسلام ويضر بالرعية ؛ لأن الغلبة ستكون لهما في النهاية ؛ لأنهما هما الأقوى جاها وسلطانا ، وهذا سيعود بالضرر الكبير على حياة الناس .
مما سبق يتبين أنه لايجوز للحاكم ولا لأعوانه الجمع بين الحكم والتجارة ، فحكام الأمس من المسلمين قد علموا أن الإمارة أمانة ، وهي يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها ، ولن تزول قدما ابن آدم من عند الله حتى يسأل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع ، فكان أحدهم يقول : أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني، وهذا الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ يقول : التجارة والإمارة لا يجتمعان . فحكام المسلمين اليوم من أي صنف : من صنف الجمع أم من صنف الإفراد ؟و الذي يحكم عليهم من أي صنف هم، هو الواقع المنظور .