18-12-2010 04:25 AM
بقلم : هاشم الخالدي
منذ تشكيل حكومة سمير الرفاعي الأولى في ديسمبر / كانون أول الماضي عام 2009 وأنا أرقب بشكل كل ما يصدر عن هذه الحكومة من قرارات وتحديداً تلك القرارات التي تتعلق بغلاء الأسعار فلم يحدث في تاريخ تشكيل الحكومات الأردنية أن أقدمت حكومة بكل تلك الجسارة على رفع كافة ومختلف المواد الاستهلاكية على المواطنين كما فعلت هذه الحكومة.
سياسياً... سأفسر لكم لماذا استمرأت حكومة الرفاعي في عامها الكامل على رفع الأسعار .. الجواب بسيط وهو غياب مجلس النواب الذي اتاح لها اجتياح جيوب المواطنين بحجة خفض العجز في ميزانية الدولة.
بالمناسبة.... أنا لم أعد أفهم لماذا تصر هذه الحكومة على خفض عجز ميزانية الدولة من فقراء الاردن ، بينما تقف عاجزة عن وقف الهدر المالي فيما يتعلق برواتب كبار الموظفين وتعيينات المستشارين الذين يلهفون الالاف من الدنانير كرواتب شهرية من ذات الخزينة التي يجهد فلاح في الشونة الشمالية ومربي أغنام في البادية الجنوبية على سد تلك الفجوة من عجز الميزانية.
لنكن أكثر واقعية وأكثر جرأة في الطرح حتى لو مس ما أقوله غضب كثيرين ممن يعتقدون أننا لقمة سائغة ، لنطلق في الاردن حركة نسميها "حركة كفاية" ، ففي مصر أطلقت هذه الحركة ضد توريث النظام المصري وتحديداً ضد توريث جمال مبارك لحكم أبيه باعتبار أن النظام في مصر هو نظام جمهوري.
في الاردن ... نحن محظوظون بأننا ننعم بنطام ملكي هاشمي يبيح التوريث وهو امر حمانا على مدى سنوات الحكم في الاردن من الاقتتال الداخلي لأن حكم الهاشميين لم يأتي على دبابة، بل جاء انطلاقاً من وازع ديني يقدس آل البيت وحكمهم الذي تميز بأنه غير دموي وأن يجنح للمحبة والصلح والاخاء.
إذاً ..... لماذا نطلق حركة كفاية .. ببساطة لان ما نريده في الاردن أن يكف كبار المسؤولين عن توريث مناصبهم لابناءهم وأنسباءهم وأن يقتنع هؤلاء بأن ابن فلاح الشونة الشمالية وابن راعي الغنم في البادية الجنوبية له ذات الحق في تولي تلك المناصب إذا اجتهد ونال الشهادات التي تؤهله لذلك؟؟
أليكم هذه الحكاية ... قبل فترة من الآن زرت دار رئاسة الوزراء .. جلست في مكتب أحد الأصدقاء .. لم أكد أكمل فنجان القهوة حتى دخل شاب صغير اعتقدت لأول وهلة أنه مراسل فشكرته مشيراً بيدي أنني لا أحتاج أكثر من القهوة التي امامي
.. جاءتني الإجابة فوراً: أريد أن أعرفك أخي هاشم .. هذا فلان ابن معالي فلان مستلم رئيس قسم كذا.... لم أكمل فنجان القهوة حتى كنت قد تعرفت على جميع الفلانيين أبناء معالي الفلانيين وأنسباء معالي أو دولة الفلانيين.
الرواتب خيالية .. عقود بالألاف ... ربطات عنق تساوي الواحدة منها راتب عشرة رواتب لصغار الموظفين في وزارة كحيانة.
في وزارة الخارجية لا يختلف الأمر كثيراً ... يأتيك صديق ليبدأ حفلة تعارف عى كبار موظفي تلك الوزارة فتشعر انك أمام طاقم حكومي متكامل باعتبار أن كل موظف يشكل حصة أبيه أو نسيبه في وظائف تلك الوزارة التي ينعم أبناء الوزراء فيها بمناصب استشارية برواتب خيالية في معظم سفاراتنا في الخارج ... إلا نحتاج بعد كل ذلك من ان نقول "كفاية للتوريث".
صباح هذا اليوم اضطرت للضحك المليء بالغيظ ... ستسألون: كيف يمكن للشخص أن يضحك مغتاظاً.
سأجيب بكل سهولة : حين طالعت عناوين الصفحة الأولى لصحفنا اليومية قرأت عنواناً لتقرير صحفي يؤكد على لسان مصدر حكومي قوله: لا نية لتحرير سعر اسطوانة الغاز.
هذه ليست المرة الأولى التي تطلق حكومة الرفاعي هذه الأنباء ... فهي قامت منذ كانون أول الماضي وحتى الآن برفع أسعار المشتقات النفطية عشرات المرات وهي قامت أيضاً برفع أسعار الخضار والفواكه والأعلاف ومعظم السلع الغذائية دون أن تراعي في المواطن الأردني عدم قدرته على تحمل مثل هذا الرفع الذي وصل حداً لا يطاق.
أنا أدعو هنا إلى تحرير سعر اسطوانة الغاز التي أذلتنا الحكومة وهي "تحملنا جميلة" أنها لن تتحرر لكننا نطلب مقابل هذا التحرير أن تسعى الحكومة إلى جملة من قرارات التحرير السياسي والنفسي.
* نحتاج من الحكومة أن تسعى لتحرير النفوس المريضة التي تعتقد أن كل من يشجع الوحدات لابد أن يكون غرب أردني وأن كل من يشجع الفيصلي لابد أن يكون شرق أردني ... لأن الأردن كان ولم يزل قومي الهوى ووطن المهاجرين والأنصار.
* نحتاج من الحكومة أن تحرر القيود التي تفرضها على الإعلام الرسمي الذي يجد نفسه في معظم الأحوال يدور في فلك " الغايب فيله" من معظم الاحداث الداخلية والخارجية.
* نحتاج من الحكومة أن تحرر أيدي القضاة والمدعين العامين لمحاسبة الفاسدين مهما كانت صفتهم الحكومية، فمن يتجرء على المال العام ... لا رحمة له.
* نحتاج إلى أن تتحرر نفوس بعض مسؤولينا ممن ينظرون إلى الشعب الأردني على انه شعب "جيبته مليانة" "وبيتحمل " رفع أسعار
وأخشى ما أخشاه أن الحكومة تتعمد رفع الأسعار على المواطنين انطلاقاً من المقولة الشهيرة " الخصام بين الحبيبين تجديد للحب" لأن الحكومة إذا كانت تعتقد أنها محبوبة إلى هذه الدرجة من الشعب فأحب أن أطمئنهم بأن الفقر إذا دخل من الباب ... خرج الحب من الشباك ... وللحديث بقية..
*الكاتب: مؤسس موقع سرايا
* رئيس اتحاد المواقع الالكترونية
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-12-2010 04:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |