حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,20 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 21132

المسلم إنسان إيجابي

المسلم إنسان إيجابي

المسلم إنسان إيجابي

06-05-2017 08:48 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أحمد محمود سعيد
عند بزوغ فجر الإسلام في القرن السادس الميلادي فقد حمل رسول الله محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم الرسالة للبشر جميعا ودعا اليها بالحكمة والموعظة الحسنة .
قال الله تعالى﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾صدق الله العظيم
ولا شكّ انّ للحق نورًا باهرًا، وللفضيلة جمالاً ساحرًا، ولكنَّ النفوسَ الناشئةَ في بيئة خاسرة، أو الغارقةَ في أهواءٍ سافلة، يقف أمامها الحقُّ فتخاله باطلاً، وتتعرَّض لها الفضيلةُ فتحسبها شيئًا منكرًا، فلا يكفي في دعوة الحق أن يطرقَ الداعي بها المجالسَ، ويصدع بها في المحافل، من غير أن يشدَّ أَزْرَها بالحجَّة، حتى تتضح المحجة، ويتخيَّر لها الأسلوبَ الذي يجعلها مألوفةً للعقول، خفيفةَ الوقع على الأسماع والتفهيم.
وفي القرآنِ الكريم ما يدل على أن الدعوةَ الصادقة لا يثبت أصلُها، وتمتد فروعها، وتؤتي ثمارَها، إلا أن يقوم بناؤها على أساس قويم، ويذهبَ بها الداعي كلَّ مذهب حكيم، ويأخذ فيها بكل أدب جميل.
وقد جعل الله لكل من اسلم قدوة يجب ان نتبعها فقال﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ صدق الله العظيم
إن مِن أعظم ما يوصَى به الداعي إلى الله أن يدعوَ الناسَ بالحكمة والموعظة الحسنة؛ فيتلمسَ الكلماتِ المُرقِّقة للقلوب، المُنوِّرة للصدور، والتي تُذْهِب وَحَرَ القلوب القاسية، وتؤلِّف النفوس المتعاصية، ويحرصَ على الإرشاد الحكيم والقول القويم، ويستخدمَ الخطابات المقنعة والعِبَر النافعة، التي يستحسنها المدعو، وتقع منه موقعًا حسنًا، وتُقَوِّي فيه حبَّ الحقِّ والخير، وكُرْه الباطل والشَّر، وتدعوه إلى التعاون على البرِّ والتقوى، وإقامة مصالح المِلَّة والدولة، وتبعثه على الفعل أو الترك، إنذارًا وتبشيرًا، وعملاً وتعليمًا.
ولا يستطيع ذلك إلا الفقيه بالكتاب والسنة، العارف بالداء، والخبير بأسرار الدواء، الذي ينفُذُ في القلوب، ويحبب إلى النفوس، وإن هذا الضرب من العلم هو من أهمِّ ضروب العلوم، ولا سيما لمن يقود الناس إلى الإيمان، ويدعوهم إلى الرحمن , كما يجبُ على الداعي إلى الله أن يتحلَّى بالبصيرة والوسطية، والأساليب المُرضية، في دعوته الناس للكتاب والسنة، كما كان ذلك شأنَ المرسلين وأتباعهم إلى يوم الدين؛ فقد أمر اللهُ رسولَيْهِ موسى وهارون - عليهما السلام - فقال ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ صدق الله العظيم؛ لأن الهدفَ من الدعوة أن يُقبل الناسُ على الهدى، وأن يزول ما بأعين أصحابها من أوهام الجهل والخرافة والتخلُّف، وأن يُذعنوا للحق ليس إلا، حتى يكونوا على الجادة المستقيمة، ولا سبيل إلى ذلك ألبتة إلا بالحكمة والموعظة الحسنة، التي يُكسر بهما سور عناد العتاة، وتلين معهما عريكة الطغاة، فعوِّل عليهما وارغبْ عن غيرهما.
أن طرق الدعوة وأساليبَها تتنوَّع بتنوُّع ظروف الدعوة، وتختلف باختلاف أحوال المدعوين؛ وذلك لأن الدعوةَ تتعاملُ مع النفوس البشرية، وهي لا شكّ مختلفةٌ في طبائعها وأمزجتها، وأهوائها وتراكيبها، وما يؤثر في بعضها قد لا يؤثِّر في البعض الآخر يقينًا، وما يؤثر منها في حال معين، قد لا يؤثر في حال أخرى، فلا بد للداعية الحكيم مِن مراعاة ذلك كلِّه والعملِ بحسبه، وقد أرسى الإسلامُ في أصوله الثابتةِ الطاهرة ( من القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة، وإجماع السلف الصالح وعملهم ) مبادئَ الدعوة، كما حفلت بها مظاهر الحياة في الحضارة الإسلامية في جميع مراحل تطورها التاريخي منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا.
ومن هذه الطرائق أو الأساليب, اختيار أرق الجُمَل والتعبيرات، وألطف التراكيب والعبارات، في مخاطبة الطرف الآخر, وكذلك اختيار الأوقات المناسبة في بعض الأحيان، قد يكون سببًا في حل المشكلات، وفض الاشتباكات، ويجب العمل بالسياسة الشرعية في الدعوة، والحرصُ على رعاية مصالحِ الأمة، واتخاذ الحكمة لذلك سبيلاً وطريقًا، ومنهجًا وسلوكًا , .ومن المهم البعد عن الغِلظة، والحذر من استخدام المفردات الجافة، والعبارات الفظة غير المرغوب فيها، ناهيك عن سِبابِ الناس وإيذائهم وتحقيرهم وازدرائهم وغير ذلك، من الممارساتِ الناجمة أساسًا عن عدم الحكمة، والاعتراف بالآخرين، والأنا الزائدة، وهؤلاء لا ينبغي لهم أن يتصدَّروا لمثلِ هذا المقامِ الرفيع؛ لأنه لا يمكِنُهم أن يحقِّقوا منه أي نتائج إيجابية، وقديمًا قيل: فاقدُ الشيء لا يعطيه, كما يجب السعي الدؤوب إلى التطبيق العملي لأساليب الرسول (ص) الدعوية في شتى المجالات، وقد كان صلى الله عليه وسلم مبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بالحكمةِ والموعظة الحسنة، فلكأنه السراجُ المنير، فإن لهذه التربيةِ النبوية الكريمة الأثرَ الكبير في توجيهِ النفوس نحو الخيرِ والفضيلة والإيجابيّة.
ويجب السعي إلى تطوير أساليب الدعوة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة، والتفطُّن لأنجع الأساليب في الدعوةِ إلى الله وتبليغها إلى كلِّ مَن لم تبلُغْه في كل مكان في العالم، باستخدام كلِّ الوسائل التي يسَّرها الله للإنسان.
لكل ذلك فإنّ الإنسان الذي بتقبّل تلك الدعوة ويصبح مسلما موحِّدا لله تعالى ومؤمنا بقناعة اكيدة بالشهادتين انّ لا إله إلاّ هو وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله لا بدّ ان يكون ايجابيّا في تفكيره وتصرُّفاته وتعامله مع الآخرين من المسلمين وغيرهم وهذا يتبيّن في كل مواقع المسلمين الوظيفيّة والثقافيّة والإرشاديّة والتوعويّة وكذلك على كافّة المستويات الفرديّة والأسريّة والمجتمعيّة والوطنيّة والقوميّة .
وتلك الإيجابيّة والوسطيّة هما اللتان يستطيع الإنسان المسلم ان يبني عليها الأوطان السليمة ويُنشأ بها الحضارات ذات القيم والإنجازات التي تُفيد البشريّة على مرِّ الأزمان .
وإذا قسنا الإيجابيّة بالنتائج فالوضع العربي والإسلامي المتردّي الآن دليل على أن الإنسان المسلم حاليّا لا يتحلّى بالإيجابيّة والوسطيّة إلاّ من رحم ربّي هذا بشكل عام وبالإضافة الى الوهن الذي ينخر في الجسم الإسلامي فإن مؤامرات الإعداء والشامتين بالإسلام والعروبة والفتن والمخططات الجهنّمية التي يحيكونها يجعله يسير في مهاوي الردى بل ويصطنعون المنظمات الإرهابيّة التي ترتدي زي الإسلام وهو منها براء وتجعل المسلم يقتل اخاه المسلم الذي حرّم عليه ذلك وجعل من قتل نفس واحدة كأنما قتل الناس جميعا حيث قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ )صدق الله العظيم
اللهمّ احفظ بلدنا ارضا وشعبا وجيشا وقيادة واجعل الإيجابيّة والوسطيّة له سلوكا وطريقا نحو التقدُّم والرخاء والنمو والتنمية المستدامة .

ambanr@hotmail.com








طباعة
  • المشاهدات: 21132
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم