بقلم :
في اليوم الذي أعلنت فيه الصحف ارتفاع الأسعار ،لم يتحدث المواطنون في الموضوع طويلا لأنهم كما أحسست كانوا مصابين بصدمة كالذي يفقد عزيزا دون سابق إنذار ، لعلهم ظنوا أن الحكومة قد تتراجع عن مثل هذا القرار ،حتى لو سمعوا عن زيادة ضئيلة سوف تضاف إلى رواتبهم ،كنت أرى الناس يعيشون في سرحان ،وآخرون يتوجهون إلى السوق ويتحدثون مع أنفسهم ، منهم من يعود دون أن يشتري شيئا ،فارتفاع المواد الغذائية أقنعه بصيام ذلك اليوم ، أو الإضراب عن الطعام أو إعادة حساب بيتي لاختصار الوجبات الأساسية الثلاث إلى وجبة واحدة يوميا . نعم إنه ليس الغضب، أو النقمة، بل الرعب وهول المصيبة ،فمجرد أن تشاهد فروق الأسعار على المحروقات فإنك تطلق صافرة مستنكرا هذا الارتفاع الفاحش الذي يداهم كل استعمالاتك الأساسية والتي لا يمكن أن تقلصها ، هذا والغلاء أصلا مستمر منذ سوات عدة لم يقابلها زيادة حقيقة على الرواتب التي كانت تتقلص شيئا فشيء أمام ارتفاع صاروخي مقابل يشمل كل ما يمكن شراءه. في أي مكان أبسط ما يبحث عنه الإنسان تحت خط الفقر هو أقل أنواع الطعام والدفء ، و ركوب حافلة توصله إلى العمل،والحسابات البسيطة التي سوف تظهر أمامنا عندما نقرا مداخيل معظم فئات الشعب سنجد أنههم عاجزون عن الحصول لهذه الأساسيات ، مقابل الارتفاع الصاروخي الذي دب على المحروقات. المواد الغذائية ارتفعت أيضا بشكل جنوني ، فارتفاع وقود وسائل النقل سوف يضرب ميزانية الناس ،ولا أقصد تقليص المشاوير بل التنقل الضروري لأجل الدراسة والعمل ، في المقابل فإن وقود الطبخ والتدفئة سيقف عند حد لا يستطع المواطن تأمينه ،فقبل الارتفاع الأخير كان المواطنون يشترون الكاز بكميات قليلة ،تصل إلى شراء لتر واحد للحصول على ساعات قليلة تقيهم برد الليل ،فيما يعانون من البرد في النهار ، وكان بعضهم يتجنب طبخ أي وليمة تحتاج لوقت طويل على الغاز ، وحتى لو توفر ذلك فإن المواد الأساسية قد ارتفعت بشكل خيالي ،فصار ثمن الدجاجة يصل إلى ثلاثة دنانير وكرتونة البيض إلى مثل هذا السعر ، يعني لم يتبق ما يلجأ إليه سوى تناول الخبز لوحده ،حتى العدس الذي ظل شريكا دائما ولذة مرغوبة جبرا ! صار باهظ الثمن ،وبعد الجمعة يحتاج طبخه إلى ما يقارب الساعة من استهلاكك الغاز ،فالأردنيون لم يعودوا معنيين بارتفاع ثمن السلعة وحسب بل في مددتها ومقدار استهلاكها للغاز ،كل هذا كان يحسب قبل الارتفاع الضعفي للمحروقات ،وما سيرافقه من ارتفاع يرافق ارتفاع المحروقات لأن حركة التنقل ترافق كل المبيعات ، وأصحاب الصنع والتجارة سيعانون من الغلاء ومن حقهم زيادة الربح ،وهذا ما سيجعل أي مواطن بحاجة لثلاثة أضعاف الراتب كي يستطيع أن يجاري الأسعار الجديدة ،فمن لا ترتبط جرة الغاز بحمامه ، وطباخه ، ومدفئته من لا يركب ستة مواصلات يومية من لا يستطيع أن يحضر ولو دجاجة في الأسبوع ، وسيظل السؤال الأهم من سيتمكن من الحياة بعد هذا الغلاء ؟ من المؤكد أني مصاب بصدمة أمام هذه التساؤلات والتي سوف تحضر لنا نتائج وخيمة بعد هذا الإعصار
.
http://omarshaheen.maktoobblog.com
/