28-10-2008 04:00 PM
مهما كانت الوظيفة وموقعها ،فهي مسؤولية وطنية وخدمة عامة تلبي احتياجات المواطنين ؛إلا أن بعض المسؤوليات تزداد أهميتها تباعا لأهمية الموقع الوظيفي الذي يشغله ،ولكن فان المواقع التي يغلب عليها الطابع السياسي وهي الحقائب الوزارية تتطلب من أشخاصها الحذر فيما يقولون والدقة والتأني فيما يقررون ،لان أدبيات السياسة لها فضاءات واسعة تحلق بصاحبها إلى النجومية ولكن سرعان ما تبدأ الدفاعات الأرضية من الصالونات السياسية وباختلاف مقاصدها ومشاربها باغتيال الشخصية وإجراء المحاكمات الصورية التي قد تؤثر على الرأي العام ، حقا إننا أمام فلسفة جدلية من الصعوبة بمكان الإجابة عليها .
إن المشهد السياسي الأردني يفرز بعضا من النماذج التي لـم تبارح حالة التأرجح بين المواقف المتضادة. فانقلاب الشخصية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، يعطي انطباعاً واضحاً عن نموذج فريد لصورة من صور الانفلات المنطقي، والوقوع في دائرة الوهم الذي سيتواري حتماً عندما تسطع شمس الحقيقة، وندخل في طقوس التعري والمكاشفة.
هل كانت المواقع الوظيفية حالة مغايرة للواقع حتى إذا ما غادرناها عاد إلينا الوعي المغيب واسترجعنا الذاكرة المستباحة ، فتتسع دائرة النقد وتمتد الرؤية لتكون أبعد من عين الصقر. وتنفتح شهية الحديث في المناسبات والصالونات و أمام الفضائيات مرتدية قناعاً وطنياً ولبوساً من الغيرة على المصالح معتمدة على مفردات من قاموس التضليل الذي ظننا أننا غادرنا مفرداته حين استقربنا المقام على مقاعد المسؤولية. لماذا ننحو باللائمة على السياسات الحكومية المتعاقبة؟ ونحن كنا في المواقع الأمامية وأقمنا أول البازارات للتخلي عنها ، وترك خلف ظهورنا أصدقاء الأمس وأفكار الأمس . لن يكون بمقدور المفردات أن تحمل عبء هذه المفارقات التي يعلمها الجميع ممن آثروا الصمت ، وغضوا النظر عن مقولات الاشتقاق الوطني والرؤية الوطنية .
إن حكاية المسؤول المتنور والجريء خارج دائرة المسؤولية أضحت ظاهرة تستوقف الانتباه ليس من حيث غرابتها ، فنحن نعلم استحقاق الموقع وآليات الاحتفاظ بـه. ولكن الغرابـة في تلك النماذج التي حاولت تسخير الموقع لإبراز الشخصية الوطنية الموهومة والاشتطاط في التعبير والوقوع في دائرة الوهم بأن قنطرة الطموح يمكن إدراكها بقليل من التحليق بالأجنحة الحديدية المتيبسة ، فلا بد من استعارة أقنعة جديدة ومحاولة الصعود إلى القمة بالخطاب الاستهلاكي واللجوء إلى لغة الأمس.
إن العودة إلى ضوء المسؤولية من خلال العصف الفكري الانتقادي ودغدغة مشاعر العامة من وسط صفوف ومشاهدي الفضائيات وتلقي رسائل الإعجاب المعدة مسبقاً ما هي الإ حالة من الارتطام واليأس والارتداد الذاتي.
وتحقيقاً لذلك، فعلى المواطن والمسؤول على حد سواء أن يبتعد عن الشائعات وأن يستوعب دروس الماضي ويستلهم معطيات الحاضر من أجل تحقيق الآمال والطموحات وبلوغ الأهداف والإنجازات ، فينبغي على كل أردني صادق أمين أن يشعر شعوراً إيجابياً تجاه الوطن ومؤسساته التي تسعى رغم الصعوبات الاقتصادية وضمن الإمكانات المتاحة إلى تحسين مستوى الخدمات للمواطنين وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم، فعلينا جميعاً سواءً في موقع المسؤولية أو خارجها أن لا نخدش وجـه وطننا الجميل الذي قدم لنا الكثير.
Malek_kh71@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-10-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |