بقلم : الدكتور فخري النصر
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : {وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }النحل70 .
ما المقصود بأرذل العمر؟ وهل يوجد بالعمر رذيلة وحقارة , يقول معظم علماء الدين والتفسيران ارذل العمر هو سن الشيخوخة فوق خمسة وسبعين سنة ويختلف من شيخ الى أخر وحسب الاوضاع البيئية التي يعيش بها , وفي هذا السن يبدا الانسان بالعودة الى الوراء, فيضعف جسمه ويهزل ويهن عظمة ويضعف عقلة , ويصبح مثل الطفل الصغير المدلل يحتاج الى المساعدة من الأبناء والاحفاد في الحركة والاكل والشرب والقيام بأعماله اليومية ,كما كان يقدمه لك وانت الطفل المدلل عنده سبحان الله؟
هذه الدورة الطبيعية لحياة الانسان من النطفة ثم العلقة ثم الطفولة ثم الشباب ثم الشيخوخة والهرم, مثل دورة حياة الأمم والشعوب والحضارات, ونتوقع ان تزول ان شاء الله الحضارة الأمريكية والغربية كونها في دورة الشيخوخة وارذل العمر قريبا .
وقد امرنا الله سبحانه وتعالى ان نعتني بالوالدين والاحسان اليهما في هذا العمر قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }الإسراء23, صدق الله العظيم وقد اخبرنا الله سبحانه وتعالى وهو اعلم بما في النفوس البشرية وما يدور في عقولهم ان يهتموا بالوالدين الكبار في هذا السن والاحسان اليهما ومعاملتهم معاملة حسنة تليق بهم كما كإنو يعاملونك وانت صغير ويهتمون بك ويطعمونك الطعام ويلبسونك الثياب ويأخذونك في نزهه ترفيهيه, وما اصعبها من مرحلة ,انها مرحلة ارذل العمر ومرحلة الضعف والوهن .
في هذه المرحلة الهرمة يصبح الرجل القوي المتين الامين الصارم صاحب القول الحق, وصاحب المال والمنصب والجاه ذو العقل الرشيد, يصبح ضعيف البنية والعقل ,هزيل مهاجم بالأمراض والفيروسات , فهو الان يحتاج الى من يساعده في قضاء حاجاته اليومية من مأكل ومشرب وقضاء حاجته وتناوله للدواء ,واصبح غير قادر على ادارة امواله ومشاريعه الاقتصادية العملاقة وغير قادر على ممارسة العلاقات الاجتماعية .
مرحلة الشيخوخة هي مرحلة خطرة ,هي مرحلة الصراع والنزاع بين الابناء والاحفاد على الاملاك والاموال والشركات التي كان يملكها, فيأتي هنا دور النصب والاحتيال والمكر والخديعة بين الابناء ليصبحوا فيما بعد اعداء بعد ان كانوا اخوان في الصغر وجيران بعد الزواج ,فيمكر احد الماكرين من الاخوان على اخواته ليستولي على النصيب الاسد من التركة , ويخلد في نار جهنم الى الابد هو ووالده بعد ان كان من حمائم المسجد ومن رجال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
من الاخطاء التي يقع بها الأبناء انهم يأخذون حقهم في الدنيا قبل الاخرة مقابل خدمتهم لوالديهم والاحسان اليهما, ولا يبغون الاجر في الاخرة ,فيأخذ الحصة الكبرى من التركة مقابل الخدمة لوالديه ,او يأخذ اجرة مادية مقابل العمل الذي يقوم به لوالديه .
من الاخطاء التي يقع بها الاب انه يضطر الوالد الهرم الكبير السن الضعيف الجسد والعقل رغم انفه وبعد الاحراج من الابن وزوجة الابن وبعد التداول بالسحر والشعوذة ,وبعد عملية النصب والاحتيال ان تنقل الحصة الكبرى من التركة الى احد النصابين المحتالين من الابناء ويأخذ نصيب اخوانه وأخواته وتبدا المشاكل والنزاع بين الابناء والاحفاد .....ويحدث ذلك كل يوم انظر حولك .
ومن الاخطاء التي تحدث انه عند الذهاب الى احد رجال الدين العصريين من اجل مسألة فقهيه بين الاولاد حول الارث والتوزيع الغير عادل بين الابناء وحرمان البنات من التركة يقول لك انت ومالك الى ابيك , وابيك له حرية التصرف في ماله إي منطق هذا ؟
هل يعقل ان تعطي مالك الى والدك الذي تزوج من امرأه أخرى ويعيش برفاه ويسر وانت محتاج وعندك اسره واولاد صغار بحاجه الى ذلك ؟
هل يعقل ان تعطي مالك الى والدك من اجل ان يلعب بهم قمار او يذهب في رحلة سياحة خارج البلد ,او تسد عنه دين فاحش نتيجة اشراف او تبذير او من تجارة خاسرة ؟
لا يجوز لقاضي شرعي ان يحكم باقتطاع مبلغ من مال أبناءه متوسطي الحال(نفقة) لحساب الاب الذي يملك مئات الدونمات من الاراضي والعقارات وتقدر بعشرات الالاف.
,لا يجوز لقاضي ان يحكم بنفقة الى الوالد وعند الرجل راتب تقاعدي وبحجة ان التقاعد لا يكفي ؟