28-10-2008 04:00 PM
دلف مهموما وألقى جسده أمامي على دكة خشبية مغبرّة في مقهى بشاطئ عجمان، جلس دون تحية وتناول الشيشة يلتهمها كما رضيع عثر على الثدي بعد إغماض، لم ألق له بالاً أو أسأله ما بك؟ ذلك أني تعودت على كآبته وعلمت أنه سينطلق في الكلام دون سؤال. وكما حسبت انطلق خميس بن جمعة قائلا بعد تنهيدة عميقة: ليتني كنت تافها. بل ربما كنت فعلا أكثر تفاهة منذ عاملت نفسي على أنني مثقف. بادرته بغضب مفتعل: أنت تشتمني أيضا.. تشتم قطاعا واسعا من الأصدقاء. لم أكمل عبارتي حتى صرخ: طز في هكذا قطاع. صديقي اللدود. سألخص لك ليلتي وصباحي. البارحة كنت أراقب برنامجا جديدا يحتمل أن يربح فيه شخص لم يسمع شيئا عني أو عنك أو حتى عن جابرييل ماركيز ولا باولوكويلو ولا السياب ولا المتنبي، لمجرد أنه يمكن أن يفلح في توقع نسبة العرب الذين يقضون حاجتهم في الصحراء دون حمامات، حسب إحصاء لا نعرف من قام به. وفي ذات المساء شاهدت برنامجا يتكلم عن دخول الهند إلى النادي الفضائي بإرسالها مسبارا إلى سطح القمر. وتذكرت أن عراب القنبلة النووية الباكستانية كانت مكافأته سيارة هونداي. فنمت في حالة شيزوفرينية تتنازعني فيها رغبتان. الأولى أن أعود طفلا وأنشأ من جديد تافها. والثانية أنني كنت طوال الليل أهجس بنسبة العرب الذين يستخدمون المنفضة الزجاجية لسجائرهم. ونسبة النساء العربيات اللواتي يتقنّ عمل الملوخية بالجراد الصحراوي. لعل وعسى أن أتعرف يوما بجورج قرداحي وأقف في حضرته وأشق طريقي في بحر تفاهة جديدة مختلفة تدر الملايين. في الصباح فتحت الإنترنت ووجدت في صحيفة الرأي العام الكويتية خبرا مصورا مفاده أن النجمة (هالي بيري) تعاني من التضريط. نتيجة نظام غذائي يسبب لها الكثير من الغازات. ولم تتورع النجمة العالمية عن التصريح للصحفيين بأن رائحة ضراطها سيئة للغاية. أعلم أنك ستنشر هذا، ومن كان من قرائك يشك في هذا الخبر فليرسل عنوانه الإليكتروني لأرسل له صفحة الصحيفة. قلت في نفسي وأنا أبتلع القهر: أي عالم هذا الذي يصبح فيه ضراط امرأة في هوليود خبرا يستحق نصف صفحة في صحف العرب؟ تركت الإنترنت وطالعت صحيفة الخليج. فقرأت عنوانا عريضا يقول: لقب شاعر العرب ليس للبيع. مفاد الخبر أن ثرياً عربيا دفع خمسة عشر مليون ريال لمحطة (سواري) من أجل أن يفوز شخص محدد من قبيلة محددة بلقب شاعر العرب. وأن أثرياء آخرين طلبوا شيئا لم أفهمه. طلبوا شراء (حزم تصويتية) بالملايين للغاية نفسها. في أي عالم نعيش؟ وكيف تصغر أحلام أثريائنا وتعظم أحلام فقراء الأمم الأخرى؟ لماذا كل هذا؟
كنت أسمعه بعدم اكتراث. إذ إنه لم يقل شيئا جديدا أو مفاجئا. لم أعلق إلا بكلمات قليلة: هون عليك يا صديقي. ألا يكفي أننا محاطون بكل هذه التفاهة لكي تتمنى أنت أن تصبح تافها؟ http://atefamal.maktoobblog.com /
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-10-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |