حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 20962

الاستفتاء الشعبي .. والمسألة النووية

الاستفتاء الشعبي .. والمسألة النووية

الاستفتاء الشعبي ..  والمسألة النووية

28-05-2017 11:37 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. إبراهيم بدران
بظهور نتائج الاستفتاء الشعبي الحر حول الطاقة النووية ،تكون سويسرا، والتي تغطي الطاقة النووية 34.2% من توليد الكهرباء فيها، هي الدولة الاوروبية السادسة التي قررت التخلي عن الطاقة النووية، والتحول التدريجي نحو المصادر الأخرى. وقد سبقتها في ذلك كل من النمسا وبلجيكا والسويد والمانيا وايطاليا وهولندا.

وقبل ذلك صوت الالمان على الخروج من الطاقة النووية في عام 2022. ومع هذا فإن التصريحات لدينا تظهر هنا وهناك لتقول بأن الطاقة النووية من أهم المشاريع الاقتصادية .

ولا يستطيع المتتبع لما يجري في العالم من تحولات في الدول النامية والمتقدمة على السواء، وما يعانيه الاقتصاد الأردني من صعوبات، أن يوفق بين توجه العالم نحو بدائل الطاقة الأخرى الأقل كلفة وفي مقدمتها الطاقة المتجددة ،والإصرار لدينا على الطاقة النووية بكلفة 10 إلى 15 مليار دولار ،حيث لا أحد يضمن الكلفة النهائية، لسد احتياجات أقل من 16% فقط من الفاتورة الكلية للطاقة.

في حين أنه «اليوم يتم توليد اكثر من 85% من الكهرباء من الغاز المسال والذي خفض كلفة الإنتاج إلى ما يقرب من 20 فلسا لكل كيلو واط ساعة مقابل الطاقة النووية التي لن تقل عن 85 فلسا لكل كيلوواط ساعة.» وفي نفس الوقت بدأ التوسع فيه لدينا لاستخدام الطاقة المتجددة الشمسية وبكلفة تقترب من 40 فلسا إضافة إلى الرياح والصخر الزيتي.

وحتى اليوم لم يسمع المواطن جواباً مقنعاً لعدد من المسائل الخطيرة و على النحو التالي:

أولا: لماذا هذا التعجل والتسرع في الذهاب إلى الطاقة النووية في الوقت الذي اصبحت البدائل فيه موجودة و اقتصادية و عملية، و في مقدمتها الغاز المسال و الصخر الزيتي و الطاقة الشمسية ؟

ثانيا: في الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي بالتوجه للمفاعلات الصغيرة أي 300 ميغاواط أو أقل نسمع أن الهيئة تتجه نحو الحجوم الضخمة من المفاعلات 1000 ميغاواط في الوقت الذي ليس لدينا شبكة قادرة على مواجهة هذه الاستطاعة الضخمة .الأمر الذي سيجبر الأردن على الربط مع شبكة كهربائية مجاورة لضمان استقرار الشبكة.

ولأن سوريا ومصر تعانيان من ازمات معقدة فسوف يصبح الربط مع الشبكة الإسرائيلية هو البديل الوحيد المتاح.فهل هذا ما يريده المواطنون؟ أن ايران وحجم شبكتها يزيد 15 ضعفا عن الشبكة الاردنية تستخدم 1000 ميغاواط أي نفس الحجم الذي تنادي به هيئة الطاقة النووية.،خلافا لما ينادي به رئيس الوزراء.

ثالثا: وفي الوقت الذي يتجه العالم إلى الابتعاد عن الطاقة النووية إلى مصادر الطاقة الأخرى ينبغي علينا أن ندرك أن اللجنة الاستشارية الفنية للطاقة النووية والتي تضم اسماء دولية لها كل احترام غير معنية بدراسة البدائل اقتصادياً واستراتيجياً ولوجستياً وأمنياً ومن منظور وطني عميق بعيد المدى. إذ انها معنية بالمشروع ذاته و بالتالي فكيف لتوصيات اللجنة أن تعبر عن الواقع الوطني الحقيقي؟.

رابعا: أيها افضل و أكثر ضرورة استثمار 10 مليارات دولار أو اكثر في تصنيع الاقتصاد الوطني وتطوير تكنولوجيا تحلية المياه بالطاقة الشمسية وانشاء شبكة سكة حديد وتنمية المحافظات أم الذهاب إلى المشروع النووي؟ هذه اسئلة تهم الدولة الأردنية والشعب الأردني وليس اللجان الفنية.

خامسا: أما القول بأن المشروع له أهمية اقتصادية كبرى فليس هناك من دليل على ذلك خارج نطاق العموميات التي لا تعني شيئا على الأرض و لن تغير من حياة المواطن بل ربما يكون المشروع خسارة اقتصادية.


سادسا:أن مديونية الأردن تتزايد سنة بعد سنة وقد تجاوزت اليوم 93% من الناتج المحلي الإجمالي وهناك تراجع في الصناعة والزراعة والاستثمار ونقص هائل في المياه. فهل المصلحة الاستراتيجية الوطنية تقضي بالذهاب إلى مزيد من الديون في مشاريع ليس لها أولوية مطلقة أم الاستثمار في التصنيع والنقل وتنمية المحافظات من أجل تخفيض البطالة و تقليص مساحات الفقر التي تتسع عاما بعد عام؟

سابعا:أن الطاقة النووية لا تحقق انقلابا بالاقتصاد والتكنولوجيا والتصنيع كما يدعي البعض، كما أن غيابها لا يعيق النمو الاقتصادي. فالباكستان لديها طاقة نووية منذ 40 سنة ولم تتحول إلى دولة صناعية متقدمة .

في حين أن النمسا والنرويج واستراليا والبرتغال دول صناعية وليس فيها طاقة نووية. إضافة إلى ذلك فإن الحكومات مضطرة في كثير من الاحيان لدعم الطاقة النووية حتى في بلد كالولايات المتحدة الامريكية، وهذا الدعم يتحمله المواطن من خلال الضرائب (تقرير العلماء المهتمون 2011). فهل يستطيع المواطن هنا أن يتحمل مزيداً من الضرائب؟

ثامنا: أن المياه المطلوبة لغايات تبريد المفاعل ستحرم قطاع الزراعة من 50 إلى 75 مليون متر مكعب سنوياً في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى دعم القطاع الزراعي كجزء من منظومة الأمن المجتمعي.و هذه مسألة لا يهتم بها المستشار الأجنبي.

تاسعا: أما المياه في حالة الكوارث النووية وهذه مسألة وطنية مصيرية بامتياز فهناك صمت عميق ،وسكوت تام عليها، ولا احد يجيب على السؤال: في حالة الكارثة النووية من أين ستأتي بالماء للتبريد والإطفاء؟


عاشرا: إن الربط بين إنتاج اليورانيوم وبين إنشاء المحطة النووية هو ربط زائف فهذه صناعة وتلك صناعة أخرى مختلفة كلية . فأستراليا ثالث اكبر مصدر لليورانيوم في العالم ليس لديها محطة نووية، أما النيجر فتنتج سنوياً 4 آلاف طن، ونامييا 3 آلاف طن وهي دولة فقيرة. ذلك أن أسعار اليورانيوم تتراوح حول 100 ألف دولار للطن.

بمعنى أن 2000 طن سنويا لا تعني اكثر من 200 مليون دولار وهي عائدات زهيدة اذا تذكرنا كميات المياه المطلوبة للتعدين وكذلك الاضرار الصحية الخطيرة من الغبار الحامل لليورانيوم كما وقع في افريقيا. كل هذه التساؤلات ينبغي مراجعتها واعطاء اجابات صريحة وواضحة عليها قبل الدخول في هذه المغامرة الاقتصادية اللوجستية الاستراتيجية الخطرة.
المشكلة لدينا أننا لا نتابع تغيرات العالم لنتغير معها.

لقد بدأت فكرة النووي في عام 2007 أو قبلها. وخلال هذه الفترة من 2007 إلى 2017 تغيرت اقتصاديات الطاقة ومصادرها ومتطلبات الأمان والبيئة تغيراً جذرياً على مستوى العالم بفضل الإنجازات التكنولوجية الهائلة .فما كان غير اقتصادي في الماضي اصبح اقتصادياً اليوم (المصادر المتجددة) وما كان مقبولا في الماضي اصبح اليوم مرفوضا وتتخلص الدولة منه (الطاقة النووية). ولكن البعض يريد أن يبني المستقبل بعيون الماضي وهذا ليس افضل خيار ابدأ.








طباعة
  • المشاهدات: 20962
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم