07-06-2017 11:06 AM
بقلم : د. معن سعيد
عندما زارت فيروز برفقة الرحابنة مدينة القدس عام 1964 للترحيب بزعيم الكنيسة المسيحية ، جالت في شوارع القدس وأزقتها ، شمت عبيرها ، والتفت بعطرها ...عانقت مواطنيها ، وسلمت على ساكنيها . أحبت فيروز القدس وأحبتها القدس ...قدمت لها إحدى النساء مزهرية وورودا ...لم تجد فيروز أن تقدم للمدينة التي لا تنسى سوى أغنيتها الرائعة التي كتبها ولحنها الرحابنة منصور وعاصي وأسموها "شوارع القدس العتيقة".
لم تمض سوى سنوات ثلاث حتى كانت قوات الاحتلال تدنس المقدسات وتقتل المدنيين وتهجر الآمنين وتقتلع الشجر والحجر... بكينا القدس، فلم يكن لدينا إلا الدموع... ذرفناها سخية علـّها تغسل خطايانا فيها. ضاعت منا المدينة التي اختارها سبحانه لتكون المطار الأرضي إلى السموات العلى ... ضاعت المدينة التي تسلمها الفاروق ووقع فيها ميثاق السماحة مع المسيحيين ومنع اليهود من دخولها بناء على طلب أهلها.... ضاعت المدينة التي حرّرها الناصر بعد معركة البطولة في حطين.. وهكذا جاء اليهود بعد أن أصبحوا صهاينة ليدوسوا المدينة الطاهرة وليتحَدّوا مليار مسلم عاجزين الآن حتى عن البكاء!!...
هل بكت فيروز ضياع القدس!!!... لا أدري، ولكننا نعلم أنها عادت وشَدَت بكلمات "سعيد عقل" قصيدة "زهرة المدائن". فكانت من أجمل ما قالوا في المدينة التي بارك الله حولها.... كانت القصيدة في بداياتها تترافق عند عرضها على شاشة التلفاز مع صور المشردين على نهر الأردن وصور القدس الحزينة على أسيادها الجدد وصور العز والفخار لمستقبل لابد أن يأتي وتتحرر فيه القدس من جديد... وربما كان مستغرباً أن فيروز( المسيحية الديانة ) هي التي شدت بأجمل القصائد إلى أحب المدن الإسلامية إلينا وهي القدس كما ذكرنا و مكة المشرفة عندما شدت بأغنيتها الرائعة "غنيت مكة".
لا زال المسلمون من سكان القدس متمسكين بالقدس ومصرين على عدم مغادرتها والتشبث بالبقاء تحت سمائها رغم كل ما يعانيه هؤلاء من صنوف الكراهية والمضايقات من قطعان المستوطنين. ولكنهم بحاجة إلى دعم الآخرين لهم وعدم تركهم في ميدان المعركة الديمغرافية وحدهم... هي دعوة إلى من يستطيع من الموسرين المسلمين لدعم القدس وسكانه.. أم أننا سنترك شوارع القدس العتيقة أغنية على الشفاه ودمعة في مقلة العين تبكي لحالها وعلى حالها !! ...