17-06-2017 12:08 PM
بقلم : المهندس مهند بني سعيد
يعيشون على أرض واحدة، يتنفسون ذات الهواء، ينقسمون إلى نصفين أغلبية صامته تحب الوطن بحق، تدافع عنه بزراعة ألارض، بحماية الحدود، بحراسة المنشآت والبيوت الفارهه، بالوظائف الخدمية ذات الرواتب الهشه التي لا تغني من جوع، يدفعون الضرائب، يدفعون ثمن الخيانة والفساد والأخطاء، يصوتون ليصبح السادة سادة والكبار كبار، وقلة يحكمون ويرسمون أحلام وردية لأنفسهم ولذويهم وأبنائهم، وكوابيس على أولئك المستضعفون بعد أن أنعموا عليهم بلقب المواطن من الدرجه ما تحت الصفر.
ويجلس الفقير على كرسي بالي في مدرسة مهترئه ليكتب المعلم بطبشورته "موطني" على سبورة تالفه، بعد أن إصطفوا طابورا صباحيا مليئاً بالاغاني الوطنيه، ويرفعون العلم وينشدون موطني، ويدخلون وهم يجرون بقايا الحزن خلفهم ويحملون أعباء عجوز وهم في سن مبكرة لا يطالهم من الوطن شيئا سوا حصة التربيه الوطنيه، والهتاف في الاعياد الوطنية، وهنا يتعلمون المبادئ والأخلاق وكيف تكون مواطنا صالحا ولا شيء بالوطن صالحاً، لا الشوارع ولا المدارس ولا المواصلات، بينما أبناء القلة التي حباها الله جينات خارقه في مدارس أعدت خصيصاً لتخريج كوكبة من الجهابذه الذين لا يؤمنون بالمنهجيه ؛فلا طابور يضبطهم، ولا درس في الوطنية يثقل رؤوسهم المعبأه بعلم اللغات والحساب فما ينتظرهم مستقبل طويل عريض محفوف بالمخاطر والمسؤوليه فهم من يرسم ويخطط للمواطن سيرة حياته، وهم يجلسون على أفضل الكراسي حتى يعتادون فيما بعد على الخلود بكراسي ورثوها عن السلف والأجداد، وسبورة الكترونيه تعمل باللمس والاشاره، ومختبرات مجهزه ومكيفه لينتقلوا بعدها لدول تصدير العقول والمسؤولين ليدرسوا بها افضل التخصصات ويتعلمون بها كيف يكون الولاء لغير الوطن وأن الاغلبية المسحوقه ليس لها مكان بعالمهم حتى أنهم لم يحضروا درسا واحدا في التربية الوطنية، وعندما يعود صاحب السعاده والمعالي للوطن ولديه رعاية لحفل وطني توضع امامه ورقه عليها كل شيء، تاريخ الاستقلال، وتاريخ الحروب المجيدة، وتاريخ موتنا، وكل التواريخ بإستثناء تاريخ انتهاء صلاحية للمسؤول الذي يدوم ويدوم.
وعند أول مواجهه بين الصنفين يتهم الأغلبيه بأنهم صامتين،متخلفين، رجعيين حاقدين، رغم أنهم سبب في بقاء أصحاب السعادة والمعالي والعطوفه ويتهمون بأنهم العصا في عجلة النمو، وأفكارهم داعشيه متطرفه، ومع ذلك كله سيكونون أول من يموت سواء لضعف الرعايه الصحيه لامثالهم، أو وقود لحروب أنشئت لهذه الغاية، وعند أول تغيير ونهضه يعود أبناء المسؤولين ليحملوا شعلة العهد الجديد وأبناء الحراثين والشهداء ليحرسوا ويصفقوا ويتعهدوا ببناء الدولة الحديثه، فينفخ صاحب المعالي بمكبر الصوت ليقول " نعدكم بحياة أفضل " فينشئون البرلمانات بقانون إنتخابي عصري وحديث أساسه الديمقراطية والمساواة والعدالة وسيادة القانون، وبطاقة أحوال جديدة واضحه المعالم بكل شيء الا بصورة شخصية قاتمه مخيفه، فيشجعوهم للمشاركة بالانتخابات الجديدة التي سيلمسون أثرها لينجح من ينجح ويعود الناخب لبيته ذاته، لذات الشارع، لذات المدرسه، ليبدأ إنشاء جيل جديد من المواطنين وآخر من المسؤولين ويبقى النشيد ذاته يصدح " موطني " دون أن تحصل على أي حق من هذا الوطن فهو عليك وقف ولهم مغنم، وبعد ذلك كله تدفع فاتورة الوطن وضريبة المواطنه، لتصل لمرحلة تقول فيها إن الله خلق الكون طبقات فترضى مرغما وتحمد الله على لقمة الخبز المغموسه بألف ألم ووجع.
يتبع........