19-06-2017 09:38 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
سبحان الذي اسرج من الليل نهارا , و اسرج الليل بقناديل ,واضاءه بنورا مبينا ,فجعل النهار معاشا والليل سباتا ,وجعل النجوم زينتا وهدايتا ومن القمرعدا وحسابا , وسبحان من كرم الانسان بعلم الكتاب للايمان لينبر به الصدور ويحيي القلوب بربيعه لتبصرالحق, سبحانه جلى ظلمات الليل ليبصرالانسان معاشه, وجلى ظلمات ظلم الباطل بنور الحق لتبصرالقلوب هداها , فابا الانسان الا ان يكون انسانا في ظلمات الفجور من كفر ونفاقا.........
الانسان يعيش في هذا الكون ضمن اقدار الله تعالى عليه, فالارزاق والاجال مقدرة ,كما ان الصحة والمرض كل مقدر على الانسان ,وكذلك حفظ الانسان ونسله وكرامته, فالانسان يعيش ضمن قضاء الله تعالى وقدره على اقواله واعماله , لعلمه المسبق بها, فالله سبحانه وتعالى هو الاول والاخر وهو الدهر, لهذا فان قضاء الله تعالى لا يكون الا عدلا على الانسان , وزيادتا على ذلك فان وجودنا في هذا الزمان والمكان هو مقدرعلينا لتناسبنا مع الاحوال التي نعيشها , ولهذا بعث الرسول عليه الصلاة والسلام في زمن افضل القرون .........
ان جميع احداث قصة سيدنا موسى مع الرجل الصالح عليهم السلام الذي اتاه الله تعالى من لدنه علما في سورة الكهف المباركة تصب في قضاء الله تعالى وقدره ,اي حكمه المطلق والنافذ على ملكه ضمن دستوردين الاسلام (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ)ينتسب الانسان اليه اختيارا , مقصده اصلاح الحياة بالعمل الصالح وصد الفساد ,واقامة العدل الذي تقوم عليه السموات والارض ....
ان قصة سيدنا موسى مع الرجل الصالح تبين لنا احداث من علم الغيب في تحقيق قضاء الله تعالى وقدره لتلك الاحداث , ليزيد المؤمن ايمانا برعاية الله له ولخلفه الصالح ,وايمانا ان الله تعالى لا يضيع اجرالعمل الصالح في الدنيا والاخرة, ويحفظ كرامة المؤمن بامانه , ويحفظ الرزق لمن قدر له ,ويرعى الايتام ويحفظ رزقهم ,(المعنى البسيط من كل حدث من احداث القصة ), فهذاعلما ونورا من عالم الغيب والشهادة , يكشفه الله تعالى بكتابه, ليتعض الانسان بالعقل ويؤمن بالقلب , وليزيد المؤمن ايمانا وتنشرح الصدور بقتبس نور الهداية لينير حياته بها ويضمن مستقبله الموعود بدون خوف ولا حزن ,لان اجرالاعمال الصالحة لا تنقطع فهي تورث للخلف الصالح , وان نسب الخلف الصالح للسلف الصالح لا ينقطع بتوارث بعضهم بعضا......
لهذا فان الانسان منا لا بد ان يكون له وقفة تفكر وتدبر ليقارن واقع الحال فيما قدر الله تعالى علينا من ارهاق العقوق , وتخبط الشيطان من اكل الربا , ومن زوال بركة النعم لقلة الشكر ونسب فضلها لمجهود الانسان والتباهي بها ,ومن زوال نعمة الامن والامان,والتباهي بنسب العصبية القبلية للانساب وتوريثها لعقوق الاجيال , فجميع ما نعانيه رغم عفوه عن كثير,هو من حكم الله وقضائه على اقوالنا واعمالنا من دستور الدين الشامل والمفصل الذي بين ايدينا, (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)فتغيير ما قضي لا يكون الا بما قضى الله عز وجل بالحق, وهذا هو مخرج الفرد والمجتمع والامة والناس جميعا من احوال بؤسها وخوفها وحزنها لانها محكومة بدين الحق والدين هو الشريعة .....
قال الله جل وعلا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175)).