24-06-2017 11:07 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
لأول مرة أقوم بكتابة مقاله حول شخصية أردنية مرموقة, فقد كانت جميع مقالاتي السابقة في بعض المواقع الالكترونية والتي تقدر بالمئات كانت وما زالت تعالج قضايا اجتماعية ايجابية عديدة نطمح أن نصل إليها في المجتمع الأردني الطيب في أخلاقه كي نحافظ على العادات والقيم والتقاليد الايجابية,..المجتمع الأردني مجتمع مثقف, مجتمع متعلق جدا بالتعليم, وليس سهلا أن يتراجع هذا المجتمع عن هذه الخصائص والميزات, فكل أب وأم وأسرة يطمحان إلى تعليم أبنائهم ذكورا وإناثا إلى أعلى الدرجات العلمية حتى لو كلفهم ذلك الغالي والنفيس, أو حتى لو وصل بهم الأمر إلى ادني مستويات المعيشة.
..ويعلم الجميع أن أية قرارات تتعلق بالتعليم بشكل عام سواء كان التعليم المدرسي أو التعليم الجامعي أو بما يتعلق بــ(التوجيهي) فهو يؤثر سلبا أو إيجابا على طبيعة وتركيبة ونفسية ومزاج المجتمع الأردني,..لقد عاش المجتمع الأردني في الفترات الأخيرة قلقا تربويا حول مصير أبنائهم من جراء بعض القرارات المتعلقة بالتربية والتعليم كان أهمها قلق امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة سواء كانت في إرشادات تنظيم العمل في قاعات امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة, أو في الإجراءات المعالجة لمخالفة تعليمات امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة, مع تقديرنا ومحبتنا واعتزازنا لجميع أصحاب المعالي الذين استلموا سابقا حقائب وزارة التربية والتعليم, فقد اجتهدوا كل هؤلاء خير اجتهاد, فإذا اجتهدوا وأصابوا فلهم أجران, وإذا اجتهدوا واخطأوا فلهم اجر واحد على اجتهادهم.
أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا, كوني ولي أمر, وكوني مواطن أردني وافتخر بذلك, وكوني مدير تربية وتعليم واعتز بذلك, وكغيري كثر في هذا الوطن الغالي لدينا ارتياح كامل من جملة القرارات التربوية المدروسة التي اتخذها مؤخرا معالي وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز, والتي شكّلت رضا وارتياح واسع في جميع الأوساط الأردنية كاملة, الأمر الذي يستوجب علينا جميعا وبحق الأمانة والوفاء إعطاء (تعظيم سلام) لمعاليه,..كيف لا وقد سجل معاليه أعلى درجات حسن الاستماع لجميع الفئات, واستكمال التروي من جميع المنابع التربوي, وإتقان التشاور مع كل أصحاب الرأي والرأي الأخر.
لقد عرف هذا الرجل حق حمل الأمانة تجاه أكثر من مليون طالب وطالبه, وعرف أنهم طلبة اليوم ورجال الغد, عرف أن مستقبل الأردن مرتبط بهؤلاء الطلبة,..نعم لقد ركز معاليه وما زال على بناء شخصية هؤلاء الطلبة بناء صحيحا من خلال تمكين هؤلاء الطلبة من العديد من المهارات كان أبرزها مهارة الاستماع الجيد, ومهارة الحوار المناقشة, ومهارة النقد البنّاء, ومهارة تقبل الرأي والرأي الأخر, ومهارة كيفية التفاوض مع الأخر أو الآخرين, مؤكدا معاليه أن المعرفة يمكن الحصول عليها بيسر وسهولة وان جميع وسائل ذلك متاحة للجميع عبر أدوات تكنولوجيا هذا العصر, لكن التحدي الأكبر بكل صراحة كيف نصنع من خلال التربية والتعليم رجالا لديهم مهارات حياتية تلزم هؤلاء الأفراد في كل لحظة من لحظات حياتهم اليومية, وهذا الأمر بالتأكيد كان استجابة واضحة من معاليه لمضمون الورقة النقاشية السابعة والتي كانت بعنوان) تطوير التعليم أساس الإصلاح الشامل( التي طرحها جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم مؤخرا.
نعم, تعظيم سلام للرزاز, كونه قد مسح من خلال القرارات التربوية الأخيرة المدروسة والتي اتخذها, مسح الكثير من الاحتقانات النفسية عند أكثر من مليون طالب وطالبه في هذا الوطن العزيز علينا جميعا,..وعلى البعض أن لا يظن أن مثل هذه القرارات فيها شيء من الضعف أو التراجع أو ألسهوله أو حتى التراخي, بل على العكس عليهم أن يعرفوا أنها قرارات واعية وقوية ومدروسة بعناية لتنسجم مع متطلبات وحاجات هذا العصر وتحتاج هذه القرارات من جميع الطلبة الجد والاجتهاد, وتحتاج من البيئات المدرسية مزيدا من العطاء والتضحية, وتحتاج أيضا من الأهل الوعي الكامل ودعم أبنائهم من خلال توفير بيئات أسرية آمنة للتعلم فيها.
بقي أن نقول وبناء على ما يسمى بــ(النظرية المعرفية) في التعلم للعالم الأمريكي برونر والذي يؤكد أن الفرد يولد مزود ببناء معرفي كبير جدا, وان هذه المعارف يعاد بناءها من خلال مرور الفرد بالخبرات, وكما هو الحال في معظم الجامعات المحلية والعالمية فيما يسمى بــ(صفر الجامعة), فانه يمكن أن نضع على طاولة معالي وزير التربية والتعليم للبحث والتشاور بما يسمى بــ(الصفر المدرسي), وان يكون هذا الصفر في حدود الـــ( 35) بالمائة, كون النظرية المعرفي ترفض فكرة أن الطفل أو الطالب أو الإنسان بشكل عام ليس لديه أية معرفة أي صفر معرفة في أي موضوع,..النظرية المعرفية تؤكد إن الطفل يولد ولديه كم كبير من المعارف, لكن حواسه المحدودة أو طرق تقييمنا للكشف عن مثل هذه المعارف ربما تكون قاصرة إلى حد معين لإظهار وإبراز والكشف عن مثل هذه المعارف, لذا فهو لا يقف واقصد المتعلم هنا عند نقطة الصفر أو آلا شيء بالنسبة للمعارف, من هنا تجيء فكرة الصفر المدرسي, ليدل على أن لدى المتعلم شيء يسير من البناء المعرفي التراكمي حتى وان حصل على صفر من احد أدوات التقييم المدرسية المتواضعة, وهذا فيه إجحاف وسوء تقدير واضح في حق المتعلم.