03-07-2017 10:14 AM
بقلم : النائب السابق خلود خطاطبة
صورة غير واضحة نقلتها وسائل اعلام مختلفة عن المعارك التي دارت أخيرا في الموصل بين الجيش العراقي ومقاتلي عصابة داعش ومثلها ما نقلته حول انتصارات حققتها قوات النظام السوري لاخراج عناصر التنظيم من مناطق سيطر عليها لسنوات.
التغطيات الصحفية بمجملها تركت اسئلة كثيرة عند المتابع، أهمها عدم وجود جثث لارهابيين من التنظيم في المعارك الدائرة رغم الحديث عن دخول الجيش العراقي الى المناطق التي كان يسيطر عليها، واذا لم يكن هناك جثث أين ذهب الاف المقاتلين من التنظيم في ظل محاصرتهم في المدن السورية والعراقية بدعم من قوات التحالف والقوات الروسية.
ندرك تماما بان هناك جهدا عسكريا مضنيا يبذل للقضاء على التنظيم الارهابي الأبشع في العصر الحديث، لكن مستوى النتائج مؤخرا لا يجيب بشكل تام على تخوفات المواطن العربي من امكانية ان يكون هذا الانتصار على التنظيم الارهابي نهائيا، أم مرحليا قد يقود لمعارك اخرى مستقبلا في مناطق يتحصن فيها عناصر وفكر هذا التنظيم الظلامي.
اعتقد ان الانتصارات على التنظيم، تحتاج الى تقييم علمي واضح ومحدد يمكن ان يجيب على هذه التخوفات، ولا يمكن الاكتفاء بصورة منقوصة تنقلها وسائل الاعلام التي تميزت تغطياتها بالتهليل لانتصارات غير واضحة تماما، الى درجة تمنى فيها المتابع ان يرى عنصرا واحدا من التنظيم الارهابي أسيرا في يد قوات الجيش العراقي، او يستمع لتقرير من منطقة محررة يستعرض فيها المواطنون الجرائم التي ارتكبت بحقهم طول سنوات القهر والظلم.
أين ذهب الالاف من مقاتلي التنظيم الارهابي، أين يتحصنون بعد دحرهم، أين خليفتهم، ماذا بقي لهم من مناطق يسيطرون عليها، ما هي الاجراءات القادمة للحيلولة دون تسللهم الى بلدان مجاورة، أو امكانية عودتهم الى مناطق تم تطهيرها منهم، كلها أسئلة لم يجب عليها ولن يجيب عليها الاعلام، بل تحتاج الى جهات عسكرية رسمية تقدم شرحا وافيا وشاملا وتقييما حول وضع هذا السرطان في المنطقة.
مثل هذا التنظيم الارهابي الذي قتل وشرد وظلم المسلم والاسلام على مدى سنين تواجده في المناطق السورية والعراقية، لا يمكن اقناع المواطن العربي بالخلاص منه عبر صور تلفزيونية تعرض للمناطق المحررة من ظلمه، او صور تظهر تقدما لقوات في شوارع وأزقة الموصل، وانما بمعلومات دقيقة توثق تلك الانتصارات وتعرضها للعالم أجمع، بهدف اعادة الثقة للمواطن العراقي والسوري اولا ثم العربي ثانيا، فالعالم ثالثا، بان الفكر الظلامي زائل لا محالة.
التقارير الأمنية تحدثت في وقت سابق وعند سيطرة التنظيم على مناطق واسعة في سورية والعراق قبل سنوات عن وجود أكثر من 35 الف مقاتل في التنظيم، لكن المعارك الدائرة على الارض لم تبدد حتى الان هذه الاحجية، فاين يمكن ان يذهب هذا العدد اذا تم دحره من الموصل والمدن السورية، واذا قتل نصفهم رغم عدم وجود صورة لجثة أو أسير منهم، فاين باقيهم.
وما يثير الحيرة أكثر عدم وجود تقارير أمنية دولية من الجهات الاميركية او الأوروبية أو قوات التحالف تستعرض التطورات العسكرية الدائرة على الارض، وأغلب التقارير تصدر بشكل فردي ومشتت من الجيش العراقي والفصائل العراقية المقاتلة على الارض، وبعض الاستعراض الاعلامي من قبل الجيش الروسي الذي يقاتل الى جانب قوات النظام السوري.
نحن نتحدث عن تقدم عسكري، وليس هناك أدق من العقلية العسكرية في حسابات الربح والخسارة، وهذه العقلية يجب ان تنعكس بالضرورة على استعراض نتائج المعركة مع التنظيم الارهابي الذي روع المنطقة واحدث خللا بنيويا في المجتمعات العربية وأزمات بين دول، ولا يمكن اقناع العالم بالقضاء على هذا التنظيم من خلال مشاهد احتفالية على شاشات التلفزة.
kh_kholoud@yahoo.com