حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,21 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 18090

التوقعات الفلكية والتنجيم ، حياة بلا معنى

التوقعات الفلكية والتنجيم ، حياة بلا معنى

التوقعات الفلكية والتنجيم ، حياة بلا معنى

02-01-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

كعادتهم في نهاية كل عام ، يطل المنجمون عبر أثير الفضائيات ليدلوا بتوقعات السنة المقبلة . أشياء كثيرة منها ما يهم ومنها ما لا يهم ، لكنهم مستمرون في عملهم .. بضاعتهم في رواج ومريدوهم في ازدياد . عند الإنسان ميل فطري لاستشراف المستقبل وإماطة اللثام عن غموضه ، يحركنا الخوف أحيانا والشغف أحيانا أخرى . لكن التوق إلى هذا الجانب وبهذه الطريقة يشي بتناقض عميق ، فهو من حيث كونه محاولة للتغلب على المجهول فأنه يسلب الحياة معناها الأجمل ويجردها من مفاجآتها وغموضها . نحن نتقلب في لهيب الحياة و نعيمها محاولين استخراج مكنوناتها ، كل بحسب طاقته وقدرته . بعضنا يتوقف عند ظواهر الأشياء ، وآخرون يغوصون في الأعماق ويمعنون في استنطاق التفاصيل . هناك من يشتغل بالماضي وهناك من يمد جسور المستقبل ، العلم يتحرك إلى الأمام والفلسفة تمهد له الطريق . واستهلاك الليالي والأيام هو الثمن الذي ندفعه بالمقابل . بمعنى آخر نحن نقدم الحاضر ثمنا للمستقبل ، والدورة لا ترحم أحدا . ويبرز هنا صنفان من الناس اختطا منهجين راسخين في التعامل مع المستقبل ، صنف يجعل العلم والتجربة طريقه ، وصنف آخر مستعجل يجري وراء المنجمين ويستنطق الأفلاك . انه صراع مرير بين العلم والخرافة ، والفكر والأسطورة . وفي الحالتين تبدو أسباب الحراك واضحة وتنحصر في سببين ، سبب ثانوي هو السعي من أجل السيطرة على الوجود وتحسين ظروف الإنسان المادية والمعيشية ، وسبب رئيسي هو الرغبة الحقيقية في أن نتفاجأ . المفاجأة بما تثيره في النفس من اندهاش وانبهار فتعطي لهذه الحياة معنى رائعا وتبث فينا الرغبة في مزيد ومزيد من الحياة . ألا ترون أن أجل أنواع العلم وأرقاها ما كان من أجل العلم فقط وفي محرابه . ربما من أجل السبب الأخير يتعلق الناس بسنواتهم الماضية ويكثرون الترحم على الأيام الفائتة ، وربما كذلك تكون أجمل أيام العمر عند الناس جميعهم هي أيام الطفولة . فهذه الصفحة البيضاء تكون أكثر قدرة على الاندهاش كلما ازداد بياضها . وتقل قدرتها على الاندهاش بتزايد ما يلطخها من خبرات وتجارب . فإذا ما هرم الإنسان وارتد إلى أرذل العمر ، امتلأت صفحته بتجارب الحياة فقلت قدرته على الاندهاش وتسرب الملل إلى نفسه وأصبح خيار الرحيل عنده أكثر قبولا . سئمتُ تكاليف الحياة ومن يعشْ ثمانين حولا لا أباً لك يسأمِ من هذا المنطلق أرى المنجمين والسائرين في ركبهم يقتلون الحياة ويفسدون علينا مباهجها . فهم قمة في التناقض ، إنهم يريدون معرفة المستقبل ليندهشوا ، لكنهم في المقابل – إن افترضنا جدلا قدرتهم على ذلك – يقللون من مساحة المجهول ويستلبون من الحياة قبل الأوان أهم شيء يجعلنا نحبها ونسعى وراءها . ما هذا التناقض أيها التناقض ، حتى أنت لا تستقر على حال ، فطورا أراك تعبر عن نزعة تدعم الوجود وتعطيه معنى جميلا ، وطورا آخر تبدو عاملا من عوامل الملل والموت والفناء . الخلاصة : ثقافة التوقعات الفلكية ثقافة انتحارية يمارسها الذين لا يفهمون الوجود  








طباعة
  • المشاهدات: 18090
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-01-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم