29-12-2010 04:52 AM
في لهيب الموج الهادر في حياتنا التي تحمل ألمنا وغضبنا ، ونجاحنا وفشلنا حبنا وكرهنا ، يغدو الواقع بكل ما يحوي من تناقضات جزيرة محفوفة بأسوار من الخوف والمخاطرة فنحبس أنفسنا داخله كأنه قفص من التباينات المتأرجحة على خط الأعداد الذي يتجه بنا إلى اليمين بإيجابياته أو اليسار بسلبياته ،وتبدو الكسور والجروح هناك غصات نحاول ابتلاعها وتحملها أو رفضها والتحرر منها ، ولا ننس النجاحات والتي تحملنا بتألقها إلى النجوم فخرا وابتهاجا .
ومنا من يحاول الخروج من هذه البوتقة والقنطرة التي تسمى الحياة مجازا ليرحل مع تخيلاته وأحلامه إلى البعيد يخوض البحر ويصنع أشرعة من أمنيات ، وهذا هو المبدع الذي يعطي لنفسه الحق في التحرر من قيود وسلاسل صنعتها ثقافاتنا الجاهلية البعيدة عن القيم الراسخة والإنسانية الصادقة .
ونرحل بخيالاتنا إلى مدن فاضلة تحوي بشرا خالدين بمشاعرهم وتألقهم ، سامين بلطفهم متفردين في زمنهم ، وربما كان لهم هذا المقام والوهج الأسطوري لأنهم بعيدون عن الواقع وضبابياته المخيفة ومصالحه المقيتة، تسلينا خيالاتهم الساحرة ونرحل معها أحيانا لنهرب من إرهاصات الواقع وتنطع البشر فيه .
من هنا لجأ الشعر الحديث إلى التعلق بالأسطورة والاتكاء عليها تفلتا من واقع لا تستطيع تغييره ، وحتى انتقاده خوفا أو خجلا أو جبنا ، من هنا يحق لنا نحن البشر أن نهرب ولو لثوانٍ إلى عوالم نصنعها بأنفسنا ونلتحم عبرها بشخوص قد يكونون من صنع خيالنا أو سللناهم بخيالاتنا من واقعهم ليمسوا ملوكا في أسطورتنا لا يعزلهم همنا وعالمنا الحقيقي وربما تغدو أسطورتهم ملجا نسرع إليه كلما عصفت بنا ريح الدنيا وواحة نستظل بها إذا اشتد لهيب الهجيرة .
لنا الحق في صنع عوالمنا في زمن سقطت فيه القدوة وأصبحت الممثلات المائعات واللاعبون والمطربون العابثون هم تماثيل يطوف حولها الشباب ومقامات يزورها اللاهثون خلف شهواتهم .
لنا الحق بالتعلق بأصحاب القيم الرفيعة ليس هروبا ولا انهزاما ولكن تفردا وسموا وانتشاء .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-12-2010 04:52 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |