03-08-2017 03:41 PM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
في اقصر وأقوى رواية كنت قد كتبتها عام 2016م والتي كانت بعنوان (دالية عرب التركمان), فقد أكدت هذه الرواية ومن خلال مراجعها الأولية المعروفة أن عرب التركمان هم عرب اقحاح خرجوا من وسط الجزيرة العربية عام 1493م واستقروا في القسم الغربي من مرج بني عامر قضاء حيفا إحدى مدن فلسطين الساحلية من جهة الشمال لأسباب رعوية وزراعية, وقد سمي عرب التركمان بهذا الاسم نسبة إلى كونهم السكان العرب الأصليين لمرج بني عامر والذين كانوا يسكنوا جنبا إلى جنب مع التركمان المهاجرين من العراق إلى هذا المرج عام 1538م لكثرة أمطاره وخصوبة أرضه.
لقد توزع (عرب التركمان) الذين اتجهوا للأردن من فلسطين عام 1948م توزعوا على وسط وشمال المملكة الأردنية الهاشمية, وقد عمل اغلبهم في الزراعة كون منطقتهم والتي تعرف باسم مرج بني عامر كانت تشتهر بالدرجة الأولى بالزراعة وتربية المواشي, وكان عددهم وقتها نحو عشرة آلاف نسمة تقريبا, أما الآن فقوامهم أكثر من 150 ألف نسمة موزعين على الأردن وفلسطين والمهجر, وان قبيلة عرب التركمان تألفت من ثمان عشائر هي عشيرة بني سعيدان, وعشيرة بني علقمة, وعشيرة بني غرة, وعشيرة بني ظبية, وعشيرة الشقيرات, وعشيرة الطواطحة, وعشيرة النغنغية, وعشيرة العوادين.
والسؤال الكبير المطروح هنا والذي ربما تأخر طرحه طويلا هو, من هم الذين همّشوا قبيلة عرب التركمان على مر الأيام والسنين والتاريخ لكي تأخذ مكانتها الطبيعية بين القبائل الأخرى؟ الجواب بعد البحث والاستقصاء والتحري والموضوعية تم الوصول إليه (والله اعلم),..لكن ربما يكون مثل هذا التساؤل مثير للجدل لدى البعض, وربما يكون الجواب ملفت للنظر لدى البعض الأخر أيضا, أقول بكل أمانة وصراحة أن الجواب يقع في ثلاثة جهات لا رابعة لها أدت للأسف الشديد إلى طمس هوية هذه القبيلة, ودفن معالمها حتى وقتنا الحاضر, هذه القبيلة التي خصها الباحث سليم مطر بأهم مراجعه التاريخية وهو كتاب بعنوان (جدل الهويّات) ليؤكد أن قبيلة عرب التركمان بطن من البطون العربية خرجت من الجزيرة العربية وبالذات شمال الرياض وخاصة القصيم وتوجهوا إلى مرج بني عامر في فلسطين عام 1493م,...أما عن الجهات الثلاثة التي أدت للأسف الشديد إلى طمس هوية هذه القبيلة فهي.
الجهة الأولى وتقع على عاتق الانجليز(البريطانيين) وسياستهم في فلسطين تجاه هذه القبيلة, فقد شهد مرج بني عامر ثورة عام 1936م حيث اجتمع شيوخ قبيلة عرب التركمان الثمانية وقرروا تشكيل لجنة من ثمانية رجال أي بواقع رجل من كل عشيرة, وقد تم ذلك بعد تنسيق تام ومحدد مع قيادة قطاع جنين للثورة, وقد دعت هذه اللجنة جميع القرى المجاورة للمشاركة في الثورة ضد حكومة الانتداب البريطاني (الانجليز), الأمر الذي أدى بالانجليز في نهاية عام 1936م إلى اسر الحاج حسن منصور من عشيرة بني سعيدان وابنه الأكبر على حسن منصور من قرية المنسي قضاء حيفا واختفاء معالمه هو وابنه حتى وقتنا الحاضر, ومن وقتها عملت حكومة الانتداب البريطاني (الانجليز) على طمس هوية هذه القبيلة, ودفن معالمها حتى وقتنا الحاضر.
أما الجهة الثانية فتنحصر في بعض العائلات الفلسطينية في فلسطين ونظرتهم للأسف الشديد منذ عام 1936م وحتى 1967م تجاه هذه القبيلة, وتكمن هذه النظرة في أن الانجليز قد سربوا لهم معلومات خاطئة مفادها أن أصول هذه القبيلة ليست عربية وان التركمان وعرب التركمان هم شيء واحد ولا فرق بينهما, وان هذه القبيلة ليس لها الحق في مرج بني عامر أخصب بقاع العالم, وعليكم انتزاع هذه الأرض منهم, وقد أدى ذلك دون ادني شك إلى عزوف الكتّاب والمؤرخين الفلسطينيين من إبراز مكانة وتاريخ هذه القبيلة في فلسطين منذ خروجهم من وسط الجزيرة العربية عام 1493م واستقرارهم في القسم الغربي من مرج بني عامر قضاء حيفا كإحدى مدن فلسطين الساحلية من جهة الشمال والى وقتنا الحاضر.
في حين أن الجهة الثالثة فتكمن في بعض أبناء هذه القبيلة للأسف الشديد أنفسهم ونظرتهم لأنفسهم والتي فيها شيء من السلبية والسوداوية, ومحاولتهم المستمرة في الابتعاد عن الانتماء لهذه القبيلة أو حتى توثيق وكتابة تاريخ هذه القبيلة وإبراز هويتها العربية, وكان ذلك نتيجة لتأثرهم بالجهتين السابقتين الانجليز البريطانيين وبعض العائلات الفلسطينية في فلسطين, مع العلم أن نسبة التعليم في هذه القبيلة من أعلى النسب وان أبناء هذه القبيلة لديهم من المؤهلات والمواقع الوظيفية ما يمكنهم من إبراز وتوثيق وكتابة مكانة ودور هذه القبيلة على مر الأيام والتاريخ والعصور في فلسطين والأردن.
بقي أن نقول وعلى لسان جميع أبناء هذه القبيلة والتي تتألف من ثمانية عشائر,...نقول أن الهاشميّين هم الذين قادوا أول ثورة إصلاحية للعرب ضد الظلم والاستبداد وهي الثورة العربية الكبرى التي حرّرت العرب من الطغيان وأرست دعائم الحرية والعدالة والمساواة كما جاء في رواية (دالية عرب التركمان, 2016) للدكتور رشيد عبّاس في الصفحات( 13- 15), وجاء في هذه الرواية أيضا, أن قبيلة عرب التركمان بعشائها الثمانية أردنيو الانتماء هاشميو الولاء كانوا وما زالوا وسيبقون ما دام هناك شمس تشرق في الصباح وتغرب في المساء.