03-08-2017 03:42 PM
بقلم : أيمن موسى الشبول
لم تنقطع ضحكاتهم طوال مسافة الطريق ... نكات ودعابة وسوالف بلا هدف وقصص من دون أي عنوان ... النكات متبادلة بين الجميع ولكن المتصدر لمشهد تلك النكات هو خفيف الدم : حمدان ...
وعندما اقتربوا من خيمة العزاء انقلب كل شيء ... و ساد الصمت وتوقفت الضحكات والقهقهة وبدا على وجوه القادمين التأثر الشديد للمصاب الحاصل ...
سلموا على أقارب الفقيد ... نعوه أمامهم بأجمل العبارات... أظهروا تأثرهم الشديد ... أشادوا بالفقيد وبمناقبه ...
وبعد دقائق من الهدوء المخيم ... وقف خفيف الدم : حمدان .... ليقدم نصائحه الدينية للحاضرين ... نصائح حفظها عن ظهر قلب .... بعد ان كررها في خيمات عزاء كثيرة :
انها دنيا فانية ... غرت الكثيرين .... والاحمق من تشغله هذه الفانية عن الآخرة الباقية .... لا لا لا ..... أنا عاقل والحمد لله ... وذو العقل لن تخدعه دنيا لعينة .... يا دنيا : غري غيري .... أنا لست من طلابك .. لانك جيفة قذرة ... وطلابك الكلاب ... الموت حقيقة واقعة ستطال الجميع .. ولكن الناس في غفلة عنها ....
عاجلا أم آجلا كلنا سيرحل ... سيفنى الشحر والحيوان والانسان .....
قال تعالى : ( كل من عليها فان ) ....
لا ادري كيف يضحك اهل الدنيا ملء أفواههم ....
وهم لا يدرون يوم القيامة أين هو مصيرهم ... يقول عليه الصلاة والسلام : ﺇِﻧِّﻲ ﺃَﺭَﻯ ﻣَﺎ ﻟَﺎ ﺗَﺮَﻭْﻥَ ﻭَﺃَﺳْﻤَﻊُ ﻣَﺎ ﻟَﺎ ﺗَﺴْﻤَﻌُﻮﻥَ ، ﺃَﻃَّﺖْ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀُ ﻭَﺣُﻖَّ ﻟَﻬَﺎ ﺃَﻥْ ﺗَﺌِﻂَّ ، ﻣَﺎ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻣَﻮْﺿِﻊُ ﺃَﺭْﺑَﻊِ ﺃَﺻَﺎﺑِﻊَ ﺇِﻟَّﺎ ﻭَﻣَﻠَﻚٌ ﻭَﺍﺿِﻊٌ ﺟَﺒْﻬَﺘَﻪُ ﺳَﺎﺟِﺪًﺍ ﻟِﻠَّﻪِ ، ﻭَﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟَﻮْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ﻣَﺎ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﻟَﻀَﺤِﻜْﺘُﻢْ ﻗَﻠِﻴﻠًﺎ ، ﻭَﻟَﺒَﻜَﻴْﺘُﻢْ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ، ﻭَﻣَﺎ ﺗَﻠَﺬَّﺫْﺗُﻢْ ﺑِﺎﻟﻨِّﺴَﺎﺀِ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟْﻔُﺮُﺵِ ، ﻭَﻟَﺨَﺮَﺟْﺘُﻢْ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﺼُّﻌُﺪَﺍﺕِ ﺗَﺠْﺄَﺭُﻭﻥَ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ )
وبعد اكماله لتلك الموعظة المناسبة لتلك المناسبة ... وبعد قراءته الفاتحة على روح الفقيد والدعاء له وللامة ... يشرب الجميع القهوة ..... ويأكلوا العجوة ...وينطلقوا الى مسارح الحياة ...
غادروا تلك الخيمة الى خيمة للافراح قريبة من ذلك الحي ....
تعالت الضحكات في خيمة الفرح القريبة ... وقاد خفيف الدم : حمدان جوفية العرس وبكل كفاءة ...
واكتملت المشاهد المتناقضة والمتعاكسة على مسارح الحياة ....
!!!
ان المشاهد التمثيلة المتناقضة كثيرة في حياتنا .....
ولكن أغربها واخطرها على الاطلاق هي تمثيل الانسان في عباداته ....
يصلي في المسجد ويصمت بعد صلاته لبرهة من الوقت ... يحدق بعينيه في السجادة ... يتمتم ببعض التسابيح .. يعقد ويعد بأصابعه وهو يحرك بشفاهه.... ولكن .... يفضحه تلفونه برنته الموسيقية المدوية و الصاخبة ...
يخرج بعدها من المسجد محرجا مما حصل... ويبدل رنة تلفونه ... ولكنه لا يبدل أي من ممارسته الحياتيه الخاطئة ... فلا كوابح موجودة في حياته ... يتبع النظرة النظرة ... يطلق العنان لكل جوارحه ... يخوض مع الخائضين ....يتهاون في أداءه للامانة ... ولا يبالي لمصدر أمواله ...
مشاهد تمثيلية أبدعها الممثلون والمقدمون على مسارح الحياة...
وانطلى أكثرها على الناس .... ولكنها لن تنطلي على رب الناس .