04-11-2008 04:00 PM
من المسلمات أن الدستور الأردني قد أخذ بمبدأ الفصل بين السلطات الذي يؤدي إلى التخصص في المهام الدستورية من جهة، وصيانة الحقوق والحريات والحيلولة دون المساس بها من جهة أخرى ، ولكن هذا المبدأ لا يعني الفصل التام والانعزال بين السلطات وإنما يعني الوفاق والتجانس والعمل الجماعي لأداء الوظائف المنوطة بها بما يمنع حدوث التعارض بينها.
إن نظام التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، يجب أن يكون على قدر كبير من الأداء ومستوى عالٍ من المشاركة في تحمل المسؤولية والتعاون في الشأن العام ؛ مع الأخذ بعين الاعتبار ما نصت عليه المادة (45) من الدستور على أنه (يتولى مجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية.....) ولكن في هذه الحالة فإن مجلس النواب والحكومة ؛ يشكلان حلقتين منفصلتين تسعيان إلى خدمة المصالح العامة من واقع المسؤوليات المناطة بهما بموجب أحكام الدستور، وبقدر ما يكون بينهما من انسجام وتوازن وتكامل تحقق سوية القرارات الوطنية ؛ التي تعتمد على توحيد المواقف وشموليتها من منظور متعدد الأبعاد ومتحد الغايات .
وفي هذا السياق ولتبيان ذلك؛ فإذا ما نظرنا من زاوية الحكومة فإنها تسعى إلى إيجاد سياسات اقتصادية واتخاذ قرارات مصيرية لزيادة ارادات الخزينة عن طريق فرض الضرائب، فإنما تهدف من ذلك الى توفير الدعم للمشاريع التنموية التي توفر للمواطنين مستوى جيد من الخدمات ، وتحد من معدلات البطالة وتساهم في رفـع مستوى الناتج القومي ، أما إذا ما نظرنا من زاويـة مجلس النواب بصفتهم ممثلين للشعب فإنهم يسعون إلى تخفيف المعاناة عن المواطنين ، والحـد من تآكل الدخول وتخفيف العبء الضريبي ، وفي المحصلتين للمعادلتين المختلفتين في التسمية والنظرة ، والمتفقتين في المضمون والغاية ؛ فإن هناك بعداً في الرؤيتين (الحكومية والنيابية) ولكنهما تنصبان إلى هدف واحد خدمة الوطن والمواطن كل من زاويته ، مما يستدعي ذلك إلى تدارس العديد من الموضوعات- التي لها مساس بالمواطن وبالشأن المحلي- بين السلطتين للوصول إلى نقطة التوازن التي تضمن سير البرامج التنموية ذات المدى القريب والبعيد للواقع المعيشي الراهن للمواطن.
ولا يساورنا أدنى شك أن الحكومات على اختلاف توجهاتها، فإنها تسعى لتحقيق معدلات النمو ورفع مستوى المعيشة ، استرشاداً بالتوجيهات الملكية السامية المعززة بكتاب التكليف السامي، وعلى الجانب الآخر فإن النواب معنيون مباشرةً بتلبية طموحات قواعدهم الانتخابية من خلال الاستغلال الأمثل لموارد الدولة لرفع مستوى المعيشة لكافة المواطنين ؛ الأمر الذي يتطلب من أعضاء مجلس النواب تقديم برامج عملية وعلمية تساعد وتعاون الحكومة في سياستها الاقتصادية دون الاكتفاء بالرقابة اللاحقة.
وفي الواقع العملي وبتحليل أوسع ؛ فإن مصدر التمويل للمشاريع الهادفة إلى تحسين مستوى الدخل والخدمات هي خزينة الدولة ؛ التي ينظر على أنها الوعاء التمويلي لكل البرامج الوطنية ؛ وهي بذلك تعتمد أيضاً على مواطنيها من منطلق أن الضريبة واجب وطني ومساهمة فاعلة في دعم الناتج الوطني ؛ وفقاً للمبدأ المالي القائل : أن خزينة الدولة جيوب رعاياها.
ولكن في المقابل ؛ لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن إقرار حزمة من الضرائب يجب أن تراعي مستويات الدخل للمواطنين بحيث يكون منصباً على الفئات القادرة ذات الدخول المرتفعة، والتي لا تتأثر بتصاعد الضريبة المفروضة عليها ؛ عملاً بمنطوق المادة (111) من الدستور والتي نصت على ما يلي (( ..... وعلى الحكومة أن تأخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وأن لا تتجاوز مقدرة المكلفين على الأداء وحاجة الدولة إلى المال)).
وفي هذه الحالة ؛ فإنه يتحقق نوع من التوازن وإعادة التوزيع بحيث لا تتأثر الشرائح الفقيرة بتآكل دخولها من الاستمرارية بفرض الضرائب الجديدة، وهذا يتطلب دراسة متعمقة يتولى إعدادها الخبراء ، وتعرض على أصحاب القرار من الحكومة ومجلس النواب للوصول إلى قرار تشاركي حكومي نيابي مبني على الموضوعية ودرجة من المسؤولية.
ولذلك نأمل ؛ أن تنطلق عربـة الوطن من الدوار الرابع إلى العبدلي لتسيران وفـق إيقاع متناغم في عجلة التقدم والنهوض ، بعيداً عن أجواء التشكيك والاتهامية ؛ لتصبح محطتها الأخيرة بانسيابية وسهولة دائرة الوطن.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-11-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |