04-11-2008 04:00 PM
في الوقت الذي أمطرتنا فيه الحكومة بالذرائع والوصايا والقرارات تجاه رفع الأسعار، والتغني بالخوف على الفقراء،في الوقت ذاته كانت تحفز الهمم الوطنية بالفزعة لها،من أجل استرداد "ولايتها العامة على شؤون وشجون الدولة"،وبعد أن حازت على كل الولايات،لم تتذكر بعد أن هناك ولاية ما زالت مفقودة، وهي المتعلقة بقوت الناس وخبزهم واستقرارهم المعيشي،وها هو رئيس الحكومة،يطل علينا بخطبة عصماء عن تأثير الأزمة المصرفية العالمية، ويؤكد أن "أمريكا" صاحبة اقتصاد السوق وحاميته، كانت أول المنتهكين لتشريعاته، وهو الأمر الذي لم يتذكره – دولته- بأن الحكومة منصاعة وملتزمة بقوة في تطبيق تشريعات السوق وديمقراطيتها، تلك التي كبَّلت أيادي حكومته،للحيلولة دون التدخل في تحديد أسعار السلع في السوق الأردنية.. وها هو ينظم قصائد شعرية في هجاء "الليبرالية" أليفة كانت أم متوحشة..
هل يحتاج "الذهبي" للتذكير بما أورد من معلومات حول انخفاض أسعار بعض السلع المهمة في السوق العالمية، حسنا،قال بأن القمح مثلا نزل سعره العالمي من 570 دولارا الى 180 دولارا،والحديد من رقم فلكي الى ثلثه.. (وكل شيء تقريبا)تراجع سعره، نقول أن رئيس الحكومة ليس بحاجة للتذكير بذلك بقدر حاجته لاجتراح "بطولة" ومأثرة جديدة تحسب له،وهي التصدي قانونيا لكل التجار وليس بعضهم، فعلى الرغم من انخفاض بل "انهيار" أسعار السلع عالميا إلا أننا ما زلنا نتعرض لأعاصيرها في الأردن، لم تنخفض الأسعار مطلقا، حتى سعر النفط في سوقنا ورغم نسبة تخفيض سعره العالية الا أنه لا يحاكي السعر الفعلي الذي تدفعه الحكومة عند استيراده،فهو أقل من سعر (العربي الثقيل) بـ 20 دولارا،وذلك حسب الاتفاقية بيننا وبين العراق، بمعنى أن (تنكة البنزين) يجب أن تكون في حدود 6 دنانير !!، وحتى الفرق الكبير بين سعره قبل شهر وسعره الحالي الذي حددته الحكومة مؤخرا، نقول حتى هذا لم يظهر أثره على تلك السلع التي جمح سعرها في الأشهر القليلة الماضية، يوجد هنا رياضيات لم نفهمها بعد، فتبرير (عصابات) التجار عندما كانوا يرفعون الأسعار هو أنهم يستوردون السلع شهريا،وعند مطالبتهم بذات السرعة في التخفيض يقولون بأنهم يستوردونها كل 3 أشهر،ومن الطبيعي أن يتأخر تأثر سوقنا المحلية بهذا الانخفاض،وهذه رواية غير صحيحة مطلقا،كما تبين وثائق جمعية حماية المستهلك هم أصبحوا يستوردون اسبوعيا بل يوميا.. لكنهم ربما اقتنعوا بأنهم يتعاملون مع شعب من الدمى ذات الوظائف الحيوية..!!.
مطلوب من "الذهبي" أن يتدخل على الطريقة "الأمريكية" لدعم الشعب الأردني وحمايته من التجار، هذه ولاية قانونية ضيعتها حكومات سابقة،بتوقيعها على تشريعات واتفاقيات دولية تقضي بحرية مرور السلع وحرية المنافسة وديمقراطية العرض والطلب، في سوق يحكمها أثرياء لا يتحركون الا ضمن بوصلة الربح والخسارة، فسوقنا الأردنية صغيرة نسبيا والمسيطرون عليها مجموعة صغيرة من التجار،تربطهم (مواثيق شرف) بعدم المضاربة أو التصارع على كسب مستهلك،وخلال مكالمة هاتفية لمدة أقل من دقيقة، يمكنهم الاتفاق على سعر موحد لسلعة ما،رغما عن الحكومات وملايين المواطنين،مكالمة مختصره فحواها (لا تنزلوا السعر وبلاش ندق ببعض !!)،فهم يعلموا تماما أن هناك تشريعات تمنع الحكومات من التدخل بشكل مؤثر، ويعلموا تماما أن الناس لا يستطيعوا مقاطعة سلع يومية مهمة،لأن السوق صغيرة ولا يوجد فيها بدائل إلا الصيام أو الموت جوعا..
أوقفوا هؤلاء التجار عن العبث في معيشة 6ملايين مواطن،ونفذوا سياسة تموينية صارمة لتحديد وليس مراقبة الأسعار، واعملوا على توسيع أسواق المؤسستين الاستهلاكيتين،وتطويرهما الى شركة عملاقة تنافس هؤلاء المحتكرين المستغلين لحاجات الناس، لتعمل الحكومة على استرداد تلك الولاية المفقودة ،وليخرج علينا نادر الذهبي مرددا قصيدة ذات تفعيلة أردنية، يرددها كثير من الأردنيين هذه الأيام، ويقول مطلعها ( الأردن؛ نحب كل ما فيها.. الاّ عبث التجار بقوت مواطنيها .. إلاّ بيع أراضيها).. هل سمعتم التفعيلة والترديد؟ هي أردنية بكل تأكيد.. وسلمت يا وطني.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-11-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |