06-09-2017 01:03 PM
بقلم : العقيد المتقاعد بشير الدعجة
أغلق جهاز الامن العام ملف قضيتين أثارت سخط الراي العام الاردني كونهما اتسمتا بالبلطجة والزعرنة ونجم عنهما قتل مواطنين بريئين احدهما رجل امن عام اثناء وظيفته الرسمية والاخر قتل دفاعا عن عرضه و شرفه عدا عن ترويع المواطنين الآمنين في منازلهم ومحالهم التجارية وفي الاماكن العامة .
وأصبحت القضيتين محل اهتمام الشارع الاردني ووسائل الاعلام والناشطين على وسائط التواصل الاجتماعي والكل يحلل ويعلل اسباب تأخر الأمن العام في التعامل معهما بالرغم ان اشخاصهما معروفين لرجال الامن العام بل هم من اصحاب السوابق ولهم سجلات حافلة في الزعرنة والبلطجة ... عدا امتعاض الراي العام من بروز ظاهرة البلطجة وتناميها في الاونة الاخيرة مع تراخي واضح وغير مبرر من قبل الامن العام في القضاء عليها حسب الصالونات الاجتماعية ووسائط التواصل الاجتماعي .
ان من يشكك في تراخي وضعف جهاز الامن العام في التعامل مع ملف القضيتين شكه ليس في محله ... لان قضية مقتل رجل الامن العام في محافظة معان تحتاج لاساليب استخباراتية بحتة لحلها ولا تقتصر على القوة المسلحة لطبيعة القضية وحساسيتها وان استعمال القوة في مثل هذه القضية وظروفها سيؤدي اضرار في الارواح والممتلكات ... لذلك لجأ جهاز الامن العام الى اسلوب امني محترف ظن الجميع انه أهمل أويأس من القاء القبض على الجاني الا انه على أرض الواقع كان يعمل كخلية نحل لا تكل ولا تمل الى ان تمكن نشامى الامن العام بمساندة قوات الدرك من رصده ومتابعته متابعة امنية محترفة اسفرت عن قتله دون الحاق الضرر بارواح أو ممتلكات المواطنين في محافظة معان ...
اما بالنسبة لقضية الرصيفة فقد تم تحليلها بشكل مفصل في مقالة لي سابقة واغلق ملفها نهائيا بضبط جميع المتهمين فيها بعد ان تعامل معها الامن العام باحترافية عالية منع من تشعبها ووأد اي مضاعافات لها وبعدها مارس دوره الاستخباري الذي اسفر عن ضبط جميع المطلوبين.
ظاهرة البلطجة والزعرنة والاتاوات والخاوات ظاهرة موجودة في مجتمعنا الاردني تحضر وتغيب وترتفع وتنخفض وهي موجودة منذ عدة عقود وهي تراكمات لاسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية ... ولم تظهر خلال الشهور الماضية ولا تتحمل قيادة جهاز الامن العام الحالية وزر هذه التركمات عبر السنوات الماضية ... التي كان يتم ترحيلها احيانا لاسباب امنية وسياسية مر بها الاردن .. الا ان قيادة جهاز الامن العام الحالية تصدت لهذه الظاهرة القديمة الجديدة بكل جراءة ... وفتحت ملف البلطجة والزعرنة والاتاوات والخاوات بكل جراءة للتعامل معه وانهائه نهائيا.
ان جهاز الامن العام ليس ضعيفا ولم يكن يوما ضعيفا في التعامل مع ظاهرة الزعرنة والبلطجة والخاوات والاتاوات لكن الظروف الامنية والسياسية التي مر بها الوطن العربي ومنها الاردني بما يسمى الربيع العربي كما ذكرت سابقا ساهمت بنموها وقوتها مع اغفال التعامل معها في حينه فتمددت وانتشرت واصبحت مصدر قلقا امنيا لجميع شرائح المجتمع.
اضف الى ذلك شناعة نتائج القضيتين السابقتين تشكل حولهما راي عام ساخط ملتهبا مطالبا جهاز الامن العام بحلول سريعة شافية لهما... لذلك اخذتا بعدا واهتماما كبيرا من المواطنين ... الامر الذي ركز الاهتمام الشعبي على ظاهرة الزعرنة والبلطجة... وتعالت الاصوات هنا وهناك واصفة الامن العام بعدم القدرة والتراخي في ضبط شخوص القضيتين ...بل تعدى ذلك الى نعته بنعوت وصفات يتداولوها في جلساتهم وسهراتهم وصالوناتهم الاجتماعية ومن خلال وسائط التواصل الاجتماعي مرة بالتلميح واخرى بالتصريح...
لكن ( حكي القرايا مش مثل حكي السرايا ) فالامن العام عند وقوع جريمة ما ... له خططه وتكتيكاته اضافة الى الظروف والبيئة المحيطة لاي جريمة ... فكل قضية منهما تحتاج الى اساليب وطرق امنية مختلفة للتعامل معها ولو بدت امام المواطنين بانها جريمة قتل بسبب الزعرنة والبلطجة ... الا ان الاصوات الناعقة واصحاب الاجندة المشبوهة والحاقد على جهاز الامن العام ومنتسبية يشوهوا صورة الجهاز ويبثوا سمومهم للنيل من الجهاز وسمعته وانجازاته التي لا تغطى بغربال...
وعند الانجازات والقاء القبض على مرتكبي الجرائم او استشهاد احد افراده ..تختفي هذه الاصوات ( وتضب عدتها ) حتى على مستوى نشر نعي للشهداء لا تقدم عليه ... فلا بوكي للامن العام
قيادة الجهاز الجديدة تعمل وفق خطتين اولهما اعادة ترتيب البيت الشرطي من الداخل وفق خطط مؤسسية وتنظيمية احتاجت لاشهر لحفظها من قبل افراده حتى اتت اكلها ومنها حقوق الانسان واحترام المواطن وفق الشرعية وسيادة القانون وتطوير عمل بعض الوحدات الشرطية التي لها تماس مباشر مع المواطنين كادارة المرور والترخيص والمراكز الامنية وغيرها ... حيث نجحت قيادة الجهاز لغاية الان بهذا الخط بامتياز ... اما الخط الثاني فهو محاربة الجريمة بشتى انواعها وشددت قيادة الجهاز قبضتها الامنية على ارباب السوابق والمطلوبين وماانتشار رجال الامن العام ودورياتهم واعداد المطلوبين المقبوض عليهم واختفاء ظواهر جرمية من الساحة كخطف حقائب السيدات وسرقة السيارات وانخفاض انتشار المخدرات الا دلالة وشاهد لاغبار عليه في نجاح قيادة الجهاز نجاح باهر خلال فترة زمنية لاتتعدى 6 أشهر.
اما ازدياد جرائم القتل بشكل ملحوظ خلال الاشهر الماضية فلا يتحمل جهاز الامن العام اسباب وقوعها نهائيا لا من قريب ولا من بعيد فهي جرائم وليدة اللحظة كالخلافات العائلية أو المالية أو ما يسمى دفاع عن الشرف وغيرها ... الا ان جهاز الامن العام يتحمل تبعياتها المتمثلة بالقاء القبض على فاعليها وهذا ما حققه فعلا حيث تم القاء القبض على جميع مرتكبي جرائم القتل وهذا انجاز كبير يسجل لجهاز الامن العام.
قيادة جهاز الامن العام الحالية تعمل بصمت بعيدا عن الاعلام ولها انجازات عظيمة ذات شان كبير على الساحة الامنية ولكنها حبيست الادراج وهي سياسة اعلامية نحترمها ... وهم ادرى بذلك ... وحسب راي المتواضع ارى ان وضع المواطنين بصورة الانجازات الامنية ضرورة ملحة ... فجاهز الامن العام يقدم خدمات أمنية انسانية واجتماعية للمواطنين ولابد من المواطن ان يعرف حجم هذه الخدمات من خلال الاعلام فحق للمواطن وهو الجمهور الخارجي لجهاز الامن العام الذي يتعامل معه ان يعرف ذلك ويجب على جهاز الامن العام ان يقنع جمهوره بالخدمات الامنية ونوعها له حتى يطمئن هذا الجمهور وتزداد جسورالثقة بينهما.
فالاعلام هو المحرك الرئيسي للشعوب حول اي قضية بل يشكل الاعلام الراي العام حولها اما سلبا او ايجابا .
كل التحايا لنشامى الامن العام وعلى جهودهم الامنية الجبارة على مدار الساعة لمكافحة الجريمة بشتى أنواعها ليبقى الاردن واحة امن واستقرار تحت ظل راية عميد ال هاشم جلالة الملك عبدالله الثاني المفدى حفظه الله ورعاه .
الدكتور/ بشير الدعجة