06-09-2017 03:37 PM
بقلم : منال أحمد كشت
عاد ابناءنا وبناتنا الى مقاعد الدراسة، بعد عطلة صيفية طويلة، إذ توجه اكثر من ١،٩٥٠ مليون طالب وطالبة الى المدارس الحكومية والخاصة منهم حوالي ١٩٣ الف طالب وطالبة في الصف الاول، ويدعونا ذلك إلى التوقف مجددا وملياً عند دور المعلم في العملية التعليمية التربوية، فالمعلم على مر العصور صاحب رسالة مقدسة تحمل الكثير من المفاهيم التي تساهم في تقدم الامم وفرض سيادتها وارتقائها حضاريا وثقافياً. ولأن المعلم هو العمود الفقري للعملية التعليمية التربوية فكان وجوبا أن ترتكز مبادئه على الوعي التام والإلمام الكامل بالمسؤوليات المناطة بِه ودوره الكبير في إعداد المواطن الصالح بما يحمل ذلك الدور من امانة مستقبل الأمة وغدها. مدركا لتغير دوره من "الملقن" والناقل للمعرفة ليصبح المحفز على التفكير والمحاور والشريك في التعلم الفاعل والتنشئة السليمة ضمن مفهوم متكامل للتعليم الفكري والمهاري والوجداني وبما يضمن تعزيز مفاهيم الانتماء والمواطنة الفاعلة والحوار وتقبل الرأي الاخر.
إن تنمية شخصية الطالب والدور المحوري الذي يلعبه المعلم في ذلك يستدعي من المؤسسات المختصة اعادة النظر في برامج تأهيل المعلمين وهيكلتها ضمن برنامج وطني شامل فيه ثقافة الحوار وتقبل الراي الاخر ركيزة أساسية، وتوظيفها كوسائل ضمن منظومة قيمية تخدم الامان الفكري المجتمعي. والتركيز على دور المعلم في خلق وتعميق هذه الثقافة وتنمية القدرات الحوارية لدى الطلبة وتوظيف النقد البناء وتشجيع الابتكار في الطروحات الفكرية وفق ميثاق سلوكي يعده الطلبة ويعتمدونه في المدرسة ابتداءً، وفي الوسط المجتمعي لاحقاً.
إن تحقيق سلوك مجتمعي إيجابي قوامه الالتزام بالنظام العام والانضباط واحترام سيادة القانون ينبع من إشاعة جو ديمقراطي متوازن يديره المعلم بصفته نموذجاً وقدوة لطلبته، إن مساهمة الطالب في صنع القرار "الصفي" يعزز فيه احترام القرار والالتزام به بطريقة فاعلة، هنا تكمن أهمية ترسيخ المفاهيم الديموقراطية عملياً من خلال التفاعل بين عناصر العملية التربوية والاشتباك الايجابي للمعلم. وما يتوجب على ذلك من وضع خطة متكاملة للأنشطة المنهجية واللامنهجية تساهم في ربط المعرفة بالواقع المجتمعي والممارسة الديموقراطية وصولا إلى تنمية الشخصية وتعزيز تقدير الذات لدى الطلبة وترسيخ حس الانتماء المجتمعي وتكريس قيم المواطنة الفاعلة لدى الطلبة وتشجيعهم على ممارسة حقوقهم وواجباتهم.
إن دور العملية التعليمية التربوية، والمعلم في مركزها وأس أساسها، في تنمية المجتمع ونهوضه يكمن في توجيه أنماط السلوك للطلبة وفقا لنسق متكامل قيمي اكاديمي يعزز السلوكيات الإيجابية والقيم التربوية لدى الطلبة ويرفع سوية التحصيل العلمي وبما يكفل النمو الفكري المتوازن للفرد والمجتمع. وإذ أن ميدان التربية والتعليم هو البيئة الأكثر خصوبة في هذا المجال فإنه من الضرورة الاستثمار الفاعل في المعلمين وتنمية قدراتهم وتدريبهم وتجهيزهم فهم القدوة واللبنة الاساسية و"ان كانت الامم تقاس برجالها فالمعلم هو صانع الرجال" ورائد الفكر وباني النهضة وعمود المجتمع.