09-09-2017 01:10 PM
بقلم : أحمد محمود سعيد
إنّ الإجراءات التي تحاول الحكومة إتخاذها من اجل الحفاظ على الإقتصاد الأردني حيّا تأخذ في رأي المواطن الأردني منحا معاكسا حيث انّها أدّت الى إفقار الشعب الأردني عموما ووسّعت من شريحة الفقراء والمعدمين وزادت من غنى شريحة صغيرة العدد وتزداد عددا وغنى كذلك تلك الإجراءات زادت من مديونية الدولة كدين خارجي وداخلي الى حوالي 37مليار دولار وزادت المديونيّة عن 95% من الناتج الإجمالي المحلّي في المملكة وهذا ليس فقط نتاج عمل هذه الحكومة وانّما من خطايا حكومات سابقة ايضا .
كما ان تلك الإجراءات تسبِّب ضيقا بالعيش للأسرة الأردنيّة التي يعاني افرادها من البطالة بالرغم من ارتفاع نفقات التعليم المدرسي والجامعي حتى يحصل الإبن والإبنة على شهادة جامعية بهدف العثور على وظيفة مناسبة دون جدوى ويبقى عائلا على نفقة والديه الفقيرين .
وأمّا المصادر التي تعتبرها الحكومة ذخرا للبلد فهي اوّلا اموال الضمان الإجتماعي التي يُخشى عليها من عاملين هما الرواتب الفلكية لبعض المستفيدين منها وثمّ من امتداد يد الحكومة والفاسدين اليها و ثانيا اموال المنحة الخليجيّة التي باتت مربوطة بمشاريع معيّنة وثالثا المنح والمساعدات من المنظمات الدوليّة والدول الصديقة الأخرى وهذه بدأت تضعف او تُرتبط بتنازلات سياسيّة او غيرذلك ورابعا المتوفِّر في خزينة البنك المركزي من عملات اجنبية وسبائك ذهبيّة تدعم الدينار الأردني .
ولكن في الطرف الآخر هناك الكثير من المحبطات منها واهمها اوّلا انتشار الفساد وسيطرة منظومة الفساد على الحياة في الأردن وثانيهماالتخوُّف من انهيار الإقتصاد الأردني وتأثُّرقيمة الدينار خاصّة في ظل تناقص قيمة الصادرات وزيادة قيمة المستوردات وثالثها الفجوة في الرواتب والمداخيل وعدم تناسبها مع تكاليف الحياة مع ما يواكبها من ارتفاع الأسعار وقيمة الضرائب والرسوم ورابعها المزاج العام بين المواطنين الناتج عن ضيق الحال وعدم الشفافيّةوفتح باب الحريّات ومنها حريّة التعبير والشلليّة والمصالح الشخصيّة في التعيينات والتنفيعات بالإضافة الى الحوادث الأمنيّة المختلفة من مشاجرات وانتهاكات للقوانين وغير ذلك من قضايا اجتماعيّة عالقة .
قد تكون هناك صورتين متباينتين الأولى صورة الأردن في عين السيّاح وزوار الأردن او المقيمين فيه لفترات قليلة حيث يرون المقاهي العامرة بروّادها والعمارات الرائعة بتصميمها والسيّارات الفارهة بجمالها وحياة الليل النشطة حتى الصباح الى غير ذلك من مظاهر البذخ والرفاهية الكاذبة سواء في العاصمة عمّان او في مدينة العقبة الساحليّة والتي يشارك في تلك المظاهر بعض الأغنياء وابنائهم وبعض الشباب والصبايا الذين يرغبون بعيش حياتهم رغما عن اي ظروف خاصّة الشباب العامل برواتب جيِّدة , اما بقيّة المدن والأرياف والبوادي والمخيّمات فلا شيئ من تلك المظاهر بتاتا .
والصورة الأخرى تلك التي يعيشها معظم الشعب برجاله ونسائه فهم في النهار يكدُّون ويتعبون من خلال اكثر من وظيفة ليستطيعوا سداد التزاماتهم وشريحة اخرى تضم العاطلين عن العمل والمتقاعدين وكبار السنالذين يقضون نهارهم بين النوم ومراجعة المراكز الصحيّة ومشاهدة التلفاز لمتابعة اخبار الحروب في العالم العربي ويتبعوها بسهرات لمناقشة تلك الأخبار وتحليلاتها ووضع السيناريوهات المتوقّعة في غياب المعلومات وفقدان الإعلام الرسمي الصادق والسريع وتداعيات تلك السيناريوهات على المجتمعات المختلفة وكذلك لا تخلوا تلك الأمسيات من ما يمر بالبلد من قصص وجرائم وقصص فساد كثيرة والطعن في قرارات الحكومة واثرها على حياة المواطن .
امّا الطرف الموجع في الصورة الثانية هو تكرار مشاهدة نابشي الحاويات بهدف إيجاد ما يقتاته البعض او ايجاد ما يمكن بيعه لشراء رغيف خبز لإطعام جائع مع العلم ان بعض هؤلاء المتسولين او نابشي حاويات القمامة يعملون لصلح احد الأشخاص الذي يتّخذ من ذلك تجارة مربحة .
إنّ هذه الصور القاتمة تبيِّن قصور الحكومة والحكومات السابقة بدءا من سوء التخطيط المسبق او المبكِّر خاصّة في مجال المواصلات والمرور وما يتعلّق بتخطيط الطرق واستيراد السيارات والمواصفات البيئيّة وغيرها وكذلك التخطيط للعمليّة التربويّة والرعاية الصحيّة والتعليم العالي ورعاية الموهوبين والمبدعين ولحالات الطوارئ في الحالات الجويّة وفي حالة تدفق الهجرات للبلد وتأثُّر حدود المملكة ,وكما يجب اخذ موضوع التوعية والتدريب بالأهميّة القصوى واعتباره من اولويّات الحكومة , وغير ذلك من واجبات الحكومة تجاه شعبها وسيادة وأمن الوطن .
لذلك فإنّ على كل حكومة وقبل ان تعمل فقط على الوفاء بالتزامات وقّعتها او تعهدات قطعتها للبنك الدولي اوصندوق النقد ان تنظر اوّلا لحاجات الشعب لا ان تكون عينها صوب مزيد من القروض لتضع مزيدا من القيود حول نهضة الشعب وتنمية موارده حتّى وإن تطلّب ذلك مزيدا من التضحية من الشعب الأردني اوّلا ومن اغنياء البلد والموسرين فيه واصحاب الرواتب والحظوظ الرفيعة فيه ثانيا وكذلك الشركات التي استفادت من الإقتصاد الأردني كثيرا كما يجب على الحكومة ان تعمل على قطع يد الفساد والفاسدين وتقنع الشعب بجديّة خطوات ذلك .
وكما ان الشعب متوحِّدُ خلف قيادته الهاشميّة فعلى الحكومة ان تعمل خلف هذه القيادة ومن خلال هذا التوحُّد على اعطاء النوايا الصادقة لتنمية هذا الشعب تنمية شاملة والتخلص تدريجيّا من اعباء الدين الخارجي تحقيقا لنمو اقتصادي مقبول وحفاظا على ثبات قيمة الدينار الأردني ليكسب الأردن ثقة العالم إقتصادا وحكومة كما كسبت قيادته ثقة العالم اجمع .
ولتسقط أيُّ حكومة لا تضع اولويّات الشعب بين عينيها فالحياة الكريمة للشعب الأردني وثبات قيمة عملته أهمُّ من بقاء اي حكومة على الكرسي .
حفظ الله الأردن ارضا وشعبا وجيشا وقيادة وابقى رايته خفّاقة في السماء وليبقى الدينار اقوى من جميع الحكومات .
ambanr@hotmail.com