10-09-2017 11:42 AM
بقلم : منال العبادي
لم يدخر جلالة الملك جهدا في محاولة إيصال أفكاره المتعلقة برؤيا إصلاحية شاملة ، يطمح من خلالها إلى إيصالنا بخطى واثقة وثابته إلى النضوج الديموقراطي، والوصول إلى "حكومة برلمانية" تتشكل من أكبر الأحزاب أو الإئتلافات البرلمانية، تحت مظلة الدستور يكون القانون فيها فوق الجميع أو الجميع تحت القانون .
ولكن : لكي نتعرف على الــ (potential) المتوفر، وحقيقة أوضاعنا ، وهل نحن مستعدون لتلك الخطوات العميقة والأساسية للوصول إلى دولة يحكمها الدستور من خلال حكومات برلمانية ؟؟؟ ، وهل وصلنا إلى مستوى من الأمن الإجتماعي الذي يرتقي بالدولة إلى الحد الأدنى من تحقيق متطلبات الحياة الكريمة وتضمن فيه المساواه والعدالة لأفرادها ؟؟؟؟ .
هل سأظلم إذا ما قلت بأن الأردن عبارة عن دولة "دكتاتورية" يُحكم فيها الشعب بأسلوب "ديموقراطي" ؟؟؟ .
أُجيب بما أنني مواطنة (شرعية) في هذا البلد ... أخضع لقوانينه ، وأدفع ضرائبه ، وأتكفل بالدين المتراكم جراء سياسته الإقتصادية والسياسية والتي لا يكون لي دخل بوضعها ، فإنني أتساءل ما بين سطور التاريخ الحديث :
• لماذا يجب أن يكون رئيس الوزراء بأي حكومة ثري .... متشعب الثراء؟ ، فيكون مبلغ همه تجميل وتزيين فترة حكمه، يقبع في قصر عاجي عالي لدرجة أنه يرى الشعب كالذباب .
• لماذا يجب أن يكون النائب إما حوت أو دبور وأما ديناصور وأما متسلق وإما حامل أجندة ؟ ، فيكون همه إما زيادة ثروته أو المحافظة على مكتسباته أو الدخول إلى النادي المخملي ليكون أحد أفراده .
• لماذا يجب أن يكون العين ديناصور وثري ، فيبتعد عن التغيير ... بحكم عمره ، ويحافظ على مكتسباته ، ويسعى لخلق الفرص لأولاده وأحفاده .
• لماذا كل هذه الإمتيازات التي يحصل عليها قياديي الصف الأول .. لدرجة أصبح فيها الوصول إلى المنصب هو أهم أولويات الموظف ، فيكون نهجه (مسح الجوخ) وتغطية أخطاء معلمه .
• لماذا ما زالت الواسطة هي المبدأ الوحيد الذي يحكم حياتنا ، وأما القانون والنظام فهما للزينة والمحاضرات .
وكما هو متعارف عليه في ظل أي ديموقراطية فالأغلبية تحكم ، وغالبية الشعب الأردني هم فقراء (مستوى الفقر لمن دخله يقل عن 1000 دينار) ، فلما لا نرى رئيس فقير أو متوسط الحال مثل باقي أفراد المجتمع الذي يحكمه (هذا إن كان يحكمه) حتى الطبيعة ترفض بأن يكون رئيس الوزراء من طبقة الشعب (ولو بالمظاهر) فعندما ركب رئيس الوزراء سيارة (البريوس) الهجينة، تمردت الطبيعة ووقع له حادث إضطره إضطرارا للرجوع إلى (الاند كروز) ، لأن التواضع لا يليق بهم .
لقد عاش الأردن أجمل فترات الديموقراطية في ال89 مع أننا إنقطعنا عن الحياة البرلمانية قبلها بعقود ، فلم نحتاج حينها إلى 6000 الاف مؤسسة مجتمع مدني ولا محاضرات ولا توعية ... لماذا ؟؟؟ لأن الإرادة كانت متوفرة ، ولأن التزوير كان نادراً ، ولأنها أفرزت "نائب" يأتي إلى المجلس بالتاكسي، وكانت المرسيدس ( 200 أحول ) تعد رفاه إجتماعي .... كانت تلك بداية ولوجنا إلى الحياة الديموقراطية ، بدأنا بالقمة ثم سارعنا إلى الإنحدار حتى وصلنا إلى مجالس مزورة،متسلقة،يحكمها الألو وكبسة الزر ، نواب الكيك والطائرات والمحطات التلفزيونية والشيوخ والشيخات ، شهود الزور ، لا يأتون إلا بالصفقات أو الخمسينات أو الصوبات .
كيف لهؤلاء أن يشرعوا ما يخدم مصالحنا حتى ولو كانت على حساب مصالحهم أرجوا بأن تقدم الحكومة مشروع قانون .... ولا أظنهم سيرفضوه ، ويتلخص بإبقاء مجلس النواب كما سيبقى مجلس الأعيان ولكن ليس للتشريع ولا للحكم ، ولكن "نادي" فقط للكسب المادي والمعنوي ، وإستبدال مفهوم القرعة بدل مفهوم الإنتخاب ، وإبقاء الفائزين بهذا الإقتراع في بيوتهم ...فهو أوفر على الشعب ماديا ومعنويا وسياسيا وعلاجيا وثقة وولاء .
.... فإما تكون ثورة بيضاء تقضي على كل من هم بالصف الأول حتى الأخير ،ثم إستبدالهم بالإعتماد على (((( الأعراف)))) والثوابت الأردنية والتي يعرفها الجميع ... وإلا فلا مليون مبادرة وورقة نقاشية ومؤسسة مجتمع محلي وإنتخابات ستغني وتوقف الإنحدار الإقتصادي والسياسي والإجتماعي الذي نعيشه الآن .
أقول ... وبالفم الملئآن : لا نشكك بنوايا جلالة الملك ولا هي موضوع بحث ، ولكن "الأدوات" هي التي نجزم بعدم صلاحيتها لما يصبو ونصبوا له .
فلا مراقب عمال يستطيع أن يمثل الشعب ، ولا كاذب،مدلس يستطيع قيادة حكومة ، ولا من ولد وبفمه ملعقة من ذهب يستطيع حل المشاكل الإقتصادية لبيته فما بالك ببلد ...!!! .
إن الأردن بلد عجيب غريب ، مليء بالتناقضات والأضداد ، فأي بلد طبيعي يتشكل من ثلاث طبقات : الفقيرة والمتوسطة والغنية ، أمّا في الأردن فثلاث أيضا ولكن :حاكمة وتابعة وفقيرة ، وهذا يجعل الفجوات ما بين الطبقات عبارة عن كمالية لا يحصل عليها بلد كالأردن .
إلى متى سيظل إسم "ترانس جوردن" يسيطر على سياساتنا ؟؟؟، متى سنستقر ونرتاح وندعوا للحاكم لا عليه ..؟؟؟ .
كيف سنصل إلى ما يصيو إليه الملك ونحن ما زلنا لا نجد العداله إلا على الورق أو قصص التاريخ ، فجلالة الملك يتحدث عن "النضج السياسي" ونحن ما زلنا نفتقد الى "النضج القضائي" و"النضج التعليمي" و"النضج الطبي" و"النضج الإنتخابي" .... فولاءنا لم ينضج بعد ، وثقتنا لم تنضج بعد ، أي حتى رواتبنا لم تنضج بعد – الدولة الأردنية عمرها 90 سنة وما زالت لم تنضج ، غزا الشيب رؤوسنا ونحن ننتظر ساعة النضوج وما زلنا ...!!! .
الحال بالنسبة لنا سواء ... فلا فرق بين الحكومة البرلمانية أوالدكتاتورية أو حتى العرفية فالفرد في ظل جميع تلك الحكومات ، لا يدري ما يفعل بأفراد أسرته أذا ما إحتاجوا لعملية جراحية ، ما فائدة الديموقراطية إذا كانت الحكومات عاجزة عن توفير مدارس نموذجية تريح كاهل المواطن من المدارس التجارية الخاصة ، ما فائدة وجود نائب منتخب أو معين إذا ما إحتل الكرسي لتحسين ظروف معيشته وأبنائة والمحسوبين عليه ، ما فائدة وجود رئيس وزراء لا يملك شيئا من أمر الولاية العامة سوى الصفة ، يأتي وفق أسس وقواعد بدل أن يأتي ليضع الأسس والقواعد ، ما فائدة النضج السياسي إذا لم يقترن بالنضج الإجتماعي ولم يسبقهما الشعور بالمساواه وعدم الشعور بالتهميش والظلم .