02-01-2011 10:28 AM
بقدر من التحفظ, حبس نفسه داخل غرفته لمدة ليست بالقصيره , لم تنفع معه نداءات أهله للخروج من عزلته تلك, كان هاجسه ثقيل ..لم يفارقه فلم يستطع تجاوزه, رجته أمه كثيرا ولم تفلح..اعتذر لها بأن قال دعيني أموت بهدء وصمت هو وبكت هي.
وفي صباح ازدادت ألامه, وفاقت قدرته على التحمل..خرج من غرفته بصمت وسكون ,ذقنه طويله جدا وحالته يرثى لها..ذهب الى الحمام وهناك وفي تلك الاثناء أتته الفكره بإفناء نفسه وذلك بعد أن وجد ماده شديدة السميه تستخدم للتعقيم..فوضعها في جيبه وخرج. وبعد صعد الى السطح وجلس, فتح علبة السم ووضعها بجانبه , وتاه بأفكاره متذكرا تفاصيل عمره, تذكر أهله وفرحهم به يوم نجاحه في الثانويه..تذكر تلك الزغروده الخارجه من اعماق اعماق امه الطيبه فابتسم..ولم يلبث الا ان عاد الى تجهمه السابق عندما تذكر سوء أختياره لتخصصه الذي اوقعه فيه حظه العاثر, وساقته افكاره إلى أحداث عمره كامله بحزنها وفرحها بألمها ولذتها ,فتعالى حاجز صمته , وحطمه بدموعه الغزيره وبكى بكاء مرا من داخله المجروح,واعترف للمرة الاولى أمام نفسه بفشله..فالفشل بالنسبة له لم يكن دراسيا وحسب بل تجاوز ذلك ..فهو فاشل اجتماعيا وفاشل كذلك في التواصل مع اهله..عصبي عنيد لا يثنيه أحد عما يريد, ومما زاد الحسرة والخسران في قلبه ,فشله في الحب ذلك أنه كان هشا جبانا في المبادره مع وجود فرص كثيره سنحت له بأن يكون صاحب صولة وجوله في حبه..كل ذلك كان قبل أن يدوي ذلك العيار الناري في السماء معلنا قتل حبه على يد رجل أخر.
في تلك اللحظه رفع زجاجة السم متهيئا لأن يشرب منها الموت وقبل أن تصل فمه تذكر مرة أخرى أهله أمه التي طالما أحبته من المؤكد موته سيتركها حزينه لأخر عمرها , وكذلك أبوه وأخوته الذين عاش معهم حياة طيبة جميلة,ولكن كل ذلك سيزول بموته , فقط ما عليه إلا ان يتناول جرعه واحده من ذلك السم وبعدها يغادر هذا العالم إلى ملكوت جديد باحثا فيه عن أمل أضاعه في الدنيا الفانيه,سيطرت عليه الفكرة لدرجة مجنونه ومع شدة الرغبه في قتل نفسه ارتخت عظلاته وتهاوت يده معيدة الزجاجه الى جانبه مرة ثانيه.. وبينما هو في حالته تلك باضطرابه , وبعد ان سيطر عليه جنونه اذ لفت انتباهه طفل صغير مع أمه في الشارع يضحك بطريه جميلة وغريبه في نفس الوقت,وتزامن مع ذلك صوت أذان الظهر فتردد الصوت في أذنه فشعر بقيمة جديده للحياة تفوق أي قيمه..فالطفل بضحكته اعطاه الامل بحياة جديده زاخرة بالخير..
ونداء الصلاة أدخل الايمان الى قلبه المغلق وطرد اعشاش الشيطان من خلجاته.. أرتفعت الزجاجه مرة اخيره, لا ليشرب منها وانما ليلقي بها بعيدا ونهظ ..نزل الدرج بنفس جديده نظر الى اهله بعد ان توسطهم, نظر اليهم بملء عيون دامعه وقال لهم انا احبكم..قبل أن ينتحب باكيا.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-01-2011 10:28 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |