بقلم :
كان من الممكن له أن يكون يوما مثل باقي الأيام التي تمر بنا ونمر بها دون ان تحفر أو تترك في ذاكرتنا المثقلة أي أثر ... وكان من الممكن أيضا لرفيقنا / رأفت البوريني أن يعود الى بيته في مدينة الزرقاء المجاورة لعمان العاصمة الأردنية ...كما كان يعود في الأيام السابقة لهذا التاريخ بعد انتهاء عمله في الفندق الذي شاءت له أقداره أن يعمل فيه ...لكنها الأقدار ...فرأفت البوريني ...ذلك الشاب الذي اختار تخصص الفندقة لدراسته الجامعية ...لم يدر في خلده يوما أن تخصصه ذاك سوف يكون سببا في فجيعة غير متوقعة لأهله وذويه وأصدقاءه ورفاقه ومحبيه ... فقد أبت يد الظلام السوداء إلا أن تطال بتفجيراتها الهمجية روح رفيقنا رأفت وغيره العشرات من أبناء شعبنا الأردني الذين ساقتهم أقدارهم لسبب أو لآخر الى احد الفنادق التي كانت هدفا للإرهابيين الذين تسربلوا في ثياب الدين والدين منهم براء ... عليك الرحمة يا رأفت ... فأي جريمة اقترفها هؤلاء القتلة بحقك وبحق غيرك من شهداء شعبنا بفعلتهم الإجرامية تلك ؟! أعتقد أني من الذين يعرفونك جيدا يا رأفت ... والله إني لأشهد أنك كنت وطنيا مخلصا لشعبك ووطنك ...وإني لأشهد أنك ولدت وكبرت وترعرعت في احضان بيت له موقف ورؤية وطنية ملتزمة بقضايا شعبنا ... وأنك عندما اخترت أن تكون حزبيا قد التزمت وانتسبت الى حزب يعبر عن مصالح الشرائح والطبقات الأكثر فقرا ومعاناة في مجتمعنا ...وأشهد أنك كنت صادقا مع نفسك وحزبك وشعبك ومجتمعك ... وأشهد أنك كنت خلوقا ودمثا ...صادقا وأمينا ...ووطنيا مخلصا ... ..رأفت ...أيها الشهيد ... أنت الحي في موتك وهم الأموات ... أنت الخالد في ضمير شعبك ... وهم المارون مرور اللئام ... أنت الحقيقة بما كنت وما زلت تمثل ...وهم الوهم والسراب ...أنت ضوء ونور الشمس والقمر وكل الكواكب والنجوم ...وهم الظلمة والظلام والظلم ... أنت طير من طيور جنات الخلد ...وهم خفافيش الجحور والمغاور والكهوف ...انت الحق ...وهم الباطل ... .. نم قرير العين يا أجمل الكائنات ... فشعبك الذي ما غاب لحظة عن عقلك وقلبك لن ينساك وسيظل مخلصا ووفيا لذكراك الخالدة ... فمكانك خالدا سيبقى في قلوب شعبك ...أما هم ...فإلى مزبلة التاريخ ....