23-09-2017 03:11 PM
بقلم : أحمد محمود سعيد
حيث ان مسطّح القبر اصغر من 2متر مربّع ويكلف اكثر من مائتي دينار اردني أي ان كلفة المتر المربّع الواحد اكثر من مائة دينار وبمعنى ان الدونم الواحد يكلِّف اكثر من مائة الف دينار اي انّه اغلى من معدّل سعر الدونم في اكثر من 90% من اراضي الأردن مدنه واريافه وبواديه ومخيّماته أمّا المساحة المتبقية وهي حوالي عشرة الآف دونم فهي مناطق عمّان الغربية وغيرها وبعض مراكز المدن الرئيسة مثل اربد والزرقاء وغيرها وقد تصبح اراضي المقابر اغلى بفضل حكوماتنا الرشيدة بحيث يكون الموت راحة للمتوفّى ويكون عبئا إضافيّا على الحيِّ المقهور .
الموت فيه عناء ومشقّة للأردني الحي وكما انّ الأردني الذي ما زال حيّا يتنفّس لا يتوقّف عن لعن الحكومة كلّما حضر جنازة او زار امواتا في مقبرة من وعورة الطريق او عدم وجود ممرّات وشوارع بين القبور او عدم وجود شوارع داخليّة في المقبرة او مساحات للإلتفاف والدوران والرجوع بشكل آمن ومريح للسيارات او طبوغرافيّة منحدرة ومكرهة صحيّة لمعظم المقابر في نفس الوقت الذي لا تنقطع ارواح الأموات عن لعنة الحكومة عن عدم إحترام ارواح المتوفين لعدم احترام كونهم بين يدي الرحمن الرحيم وليس بين يدي الحكومة والشيطان الرجيم والحديث عن الحكومات المتعاقبة وليس عن حكومة بعينها .
والحمد لله نحن في بلد لا الميِّت مرتاح في قبره ولا الحيُّ مرتاح في معيشته وبات الأردني يتمنّى إحدى الحسنيين إمّا الهجرة وجنسيّة أخرى وعلى استعداد التخلّي عن جنسيّته طوعا ورغبة في عيش كريم وإمّا الدعاء الى الله ان يُقصِّر في عمره ويسترد وديعته وامانته في اللحظة وهو راض عن التنازل عمّا بقي له من العمر الذي يملئه القهر والذلُّ والهوان والفقر والجوع والبطالة والغريب فينا انّ الجميع غير راض عن عيشه , الغني قبل الفقير , والكبير قبل الصغير , والمسؤول قبل المواطن العادي , وبات اغلب المواطنون وكأنهم موحدون في الشعور بالراحة وكراهية الوطن والمواطنة فقط عندما يغادرون حدود الوطن الى اوطان اخرى ويشعرون بإنسانيتهم وكرامتهم عندما يسيرون على شوارع مدن اخرى خارج جغرافيا الوطن ليس لأنّ ارضها اطهر او أخصب وليس لأنّ هوائها انقى وأكثر اوكسجينا او اقل ثاني اكسيد الكربون وليس لأنّ اشجارها اكثر خضرة او إنتاجا .
ولكن في الأوطان الأخرى هناك مواطنون منتمون لأوطانهم عملوا المعجزات من اجل اوطانهم عل اختلاف اديانهم وفي تلك الأوطان فاسدون حوكموا وعوقبوا مهما علت مناصبهم وانتزعت كل المسروقات منهم وحُرموا من كل المناصب والوظائف والإمتيازات وكانوا عبرة لغيرهم واعتبر المواطن انّ حكومته أخذت بالثأر من سالبي حليب اطفاله وفرصته في العمل , كما ان الأردني يجد في تلك الأوطان الإلتزام يالقوانين والتعليمات وان الأنظمة تُطبّق على الجميع بالتساوي والعدالة فلا يوجد احد على رأسه ريشة وان المسؤول الذي يخطأ يعترف بخطأه او جريمته ويعاقب نفسه قبل ان يعاقبه القانون عليها .
كذلك وجد الأردني في تلك الأوطان نظام للمواصلات في دول تأسست حديثا بالنسبة لوطنه وشوارع مُصانة باستمرار وإشارات مروريّة محترمة مهما كانت سعتها وطبوغرافيّتها.
ويجد الأردني ويلتزم هو نفسه بذلك بكل رضى ليقف بالصف منتظرا دوره في موقف الباص او البنك او المخبز او خلافه بدون تذمُّر او ملل خاصّة وهو يرى امامه بالصف رئيس الحكومة او وزيرا او مسؤولا دون ان يحاول ان يعتدي على دور مواطن آخر متذرِّعا بمنصبه او انشغالاته, كذلك يرى وزيرا او رئيس حكومة يوصل اطفاله للمدرسة السير على الرصيف او يرى رئيس حكومة او وزيرا يذهب لعمله على دراجة هوائيّة ملتزما بكل تعليمات السير على الشوارع محافظا على البيئة وموفِّرا على وطنه تكاليف طاقة كذلك يُصاب الأردني بالدهشة عندما يرى الطفل قبل الكبير يحرص على نظافة مدرسته وشارعه والحديقة التي يلعب بها دون تلقين او توعية او إكراه على ذلك .
كل ذلك يجعل مواطننا يشعر بالغيرة والحسد عندما يرى ان الفاسدين من كبار المسؤولين في القطاعين العام والخاص يسرقون خيرات البلد في غياب المحاسبة والعقاب ويعرفهم المواطن والمشرِّع والمسؤول ويسرحون ويمرحون احرارا في الوطن الجريح والمكلوم بالفاسدين من ابنائه .
وقد اعجبت بطلب رئيس الحكومة من مسؤولي امانة عمّان الكبرى الإهتمام بايجاد بايجاد قطعة ارض يسهل الوصول اليها لإستخدامها كمقبرة للعمّانيين تسهيلا للأحياء واحتراما لأرواح موتاهم والتي من المهم اكتمال ذلك العمل الجليل بتخفيض رسوم المقابر لأن الذي سيدفع هو الحيُّ وليس الميِّت وكذلك تخطيط المقبرة بشكل حضاري وهندسي وشرعي سليم والمحافظة على البيئة وديمومة الصيانة فيها لتكون مقبرة تريح ارواح الأموات وتسهل زيارة الأحياء لأمواتهم واحبابهم .
وامّا إذا اخذنا سلوكيّات الحكومة والحكومات السابقة نتوقّع ان تصنِّف الحكومة المقابر من حيث موقعها وترتيبها لتكون مصدر دخل للحكومة وليتسابق الأردنيّون على الدفن في المقبرة الأغلى كنوع من الفشخرة ولو كان ذلك بقرض من البنك ليكون حتّى الموت ربويّا لا سمح الله , ولتكن السنة الهجرية الجديدة سنة خير ومحبة وراحة لمن هم فوق الأرض وتحتها ولينعم الجميع بالسلام والإيمان .
رفقا يا حكوماتنا بالمواطنين فوق الأرض وشفقة بارواح المتوفين تحت الأرض فكما انّ رقاب الأحياء وديعة بين ايديكم فإن ارواح من غادرونا بيد الله عزّ وجلْ ولا تجعلونا نقول انّ وطننا هو مقبرة للأردنيّون احياء ام امواتا ,واعلموا أنّكم مقبلون يوما للوقوف امام الله للحساب العادل وهو القائل جلّ جلاله
(وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ , يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ , إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ , وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ , وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ)صدق الله العظيم .
حفظ الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة من أيِّ مكروه وكلّله بعين الرضا إنّه السميع المجيب وهو على كلِّ شيئ قدير .
ambanr@hotmail.com