26-09-2017 03:28 PM
بقلم : روشان الكايد
ظاهرة جديدة باتت تطفو على السطح تكشف عن نفوس ظلت تدعي حب الوطن ، وكانت من صفوف المغردين في فلك الانتماء والوطنية .
وعقب أن دارت بهم عنفة الزمن وتقاعدوا وحصلوا على كل الامتيازات ، اصبحوا اولئك المتهكمين على كل قرار ، والناقدين للغة الحوار ، والمحبطين حرفا وقولا لكل فكرة تحمل في طياتها مشروعا جديدا .
يجوبون الصفحات الإخبارية ، يقتنصون فرصة لبث لغة النقد الهدام والانتقاص من كل ما تحتويه المرحلة الراهنة ، يبتزون مشاعر الناس بلغة السخط على الحكومة وهم ليسوا إلا أولئك الباحثين عن الشهرة .
من المخجل أن تجد من يصفق للوطن في حضرة المناصب ، وما أن تنتهي الخدمة يبدأ فن الشجب والاستنكار ، وهذا وإن دل فإنه يعزى إلى مرض جديد في جسد المواطنة بات يتفشى ..
حيث أصبح الهاجس عند الكثير من الموظفين الذي بدلا من أن يؤدي وظيفته على أكمل وجه ، يصبح صانعا للفرص ، يلهث خلف التسلق والوصول للمرتبة الأعلى بجنون لا مثيل له ...
وبل وتعدى هذا المرض للعديد من الوظائف .. والمسميات الوظيفية بأشكالها .. فأصبح المدير في إحدى الوزارات يحلم بالحقيبة ولا يقبل ما دون ذلك ..
المستنكر في هؤلاء الفئة التي بدأت تتزايد وتتسع هو أنهم يشجبون الفساد ويبغضون ذاك المسؤول وتلك الاجراءات ، وهم الذين حققوا أعلى درجات الصمت حين كانوا في مراكزهم ووظائفهم ، وبل أن البعض منهم من أصحاب الماضي الأسود ، الذي أصبح اليوم بعد انتهاء خدمته ينادي بمحاربة الفساد ساخطا وحانقا على اعتبار أنهم الصفوة التي أجهضت حقوقها ووقع عليها الظلم لعدم اختيارهم لمناصب عليا مابعد التقاعد.
فأين منكم الفساد حين كنتم في وظائفكم ومراكزكم ؟؟! ، أم حين أتت الريح بما لا تشتهي السفن ، بتم تتحدثون بالقضية الأبدية في الأردن .. (مكافحة الفساد والفاسدين )..؟؟!! .. لأنها الوتر الحساس الذي يؤلم المواطن ..
إن مثل تلك الحروف التي تخطها هذه الأقلام الملوثة ليست إلا استغفالا للناس ، وتصنعا رديئا لا يمكن تصديقه .
وإحقاقا للحق فهنالك من قدم للوطن وغيب عن الساحة ولم يحظى إلا بالتهميش ، وهم أصحاب البصمات المضيئة في تاريخ الانجاز والعطاء ، وهم الأولى من غيرهم كأصحاب خبرات وكفاءات في المراكز الاستشارية والمهمة إلا أنهم غير الساعين للشهرة ..
وهناك من لا يملك الخبرة ولا المواقف المشرفة ويبدأ في خلق حالة من التخبط والتنظير والاستعراض طمعا بالمنصب.
وهنالك من يمتلكون مناصب لا يستحقونها أو يمتلكوا أدنى معاييرها ..
وعقدة الكرسي أو المنصب تلك التي باتت تقايض بحب الوطن لا يصاب بها إلا كل نفس متعفنة المبادئ ، مجوفة الأسس ، خاوية المشاعر ..
وأصبحت هذه الآفة الجديدة على طريقة
" درهمونا وإلا فقدتمونا"
ولكن بلغة جديدة
"منصبونا وإلا من الوطنية انسونا"