07-10-2017 11:21 AM
سرايا - سرايا - رأى الكاتب والمفكر اللبناني علي حرب أنّ المثقفين الذين تفاجئهم الأحداث والتحولات يزدادون إخفاقاً وإحباطاً لكي يشهدوا على فقدانهم المصداقية المعرفية والمشروعية الخلقية والفاعلية السياسية.
وقال في محاضرة بعنوان "مأزق النخب ودور الأفكار" التي جاءت تحت العنوان العريض "من يصنع العالم؟!" وألقاها ضمن البرنامج الثقافي لمعرض عمان الدولي للكتاب، إنّ الأفكار التي تطرحها النخب الثقافية لا تحرك الشرائح الواسعة ولا تصنع العالم، الذي يزداد تسارعاً وتشابكاً وتعقيداً بفتوحاته وتحولاته الهائلة بل إنّ من يصنع العالم اليوم هم "فاعلون جدد" آتون من خارج القطاع الثقافي.
وأوضح، في المحاضرة التي أدارها مدير الشؤون الثقافية في الأمانة المهندس سامر خير وحضرها أمين عام وزارة الثقافة هزاع البراري، أنّ هؤلاء الفاعلين الجدد هم الذين لم يتمترسوا وراء ثوابتهم وشعاراتهم ولم يفزعوا من التحولات التي نجمت عن الدخول في عصر العولمة والشبكة والثورة الرقمية بل تعاملوا معها بلغة الخلق والفتح والتحول.
واعتبر حرب أنّ بيل غيتس صاحب شركة مايكروسوفت قد أسهم في تغيير وجه العالم بابتكاراته في مجال البرمجة والقوة الناعمة، مقارناً بينه وبين فلاسفة وعلماء يتصدون منذ عقود لمهمة تغيير النظام العالمي مثل نعوم تشومسكي وجان زيغلر وسلافوج جيجيك وآلان باديو أو بيار بورديو وإدوار سعيد تحولوا إلى "باعة أوهام" لأن العالم الذي أرادوا تغييره قد تغيّر بعكس تصوراتهم وخططهم.
ولم يجد الدكتور حرب فائدةً من التباكي على عصر التنوير أو مهاجمة الليبرالية والأمركة والسو، أو لعن العولمة والتقنية، داعياً إلى إعادة النظر بالمسلمات والقناعات، بإخضاعها للدرس والتحليل على وقع الأزمات والتحديات، للكشف عمّا تستبطنه أو تحجبه من المسبقات المعيقة والبداهات الخادعة أو الرؤى الساذجة والتصنيفات المزيفة أو الدعوات المفخخة والنماذج البائدة.
كما نادى بتغيير الطريقة في التعامل مع الأفكار، بحيث تُدار بصورة مفتوحة ومرنة ومتحولة ولا تعامل على نحو طوباوي فردوسي أو سحري، خشية أن تترجم إلى ضدها سواء أكانت اشتراكية أم رأسمالية علمانية أم دينية قومية أم يسارية.
وتوقف حرب عند المثقف العربي الذي كان بعد سقوط أحلامه بالثورة والحرية والعدالة يعيش في سُبات،منتظراً الأحداث والتقلبات التي تفاجئه، لكي ينتقل من صدمة إلى صدمة، حيث كانت الصدمة الأولى في صعود الأصوليات التي أسهم فيها المثقف،بقدر تعامله مع أفكاره بعقل أصولي طوباوي.