21-10-2017 09:50 AM
بقلم : ديما الرجبي
دون أن نتطرق إلى كثافة العناوين التي تبدأ بإعتداءات و تنتهي بجرائم قتل وبلطجة وسرقات .... من ما يحدث على الساحة الأردنية مؤخراً لابد الإشارة إلى حجم الفوضى المجتمعية الحاصلة والتي بدأت تأخذ منحى "حرب الشوارع " إن صح التعبير .
سابقاً كنا نستعين بمثل شعبي عند حدوث مشكلة بين أبناء الحي وينتج عنها ضرب أحد أبناءنا للآخر بعصا أو حجر أو " مباطحة " فنقول " مفكرين حالكو بشيغاغو " معبرين عن استياءنا من " العنف" الذي يحدث .
لا أعلم اليوم ما الوصف الأدق للحاصل حيث تغلبنا على عالم المافيات والجريمة بأفعالنا التي على ما يبدو بدأت تخرج عن السيطرة .
والشي بالشيء يُذكر هذه التصرفات ليست وليدة لحظة بل هي إختناق واضح للمواطن الأردني الذي بدأ ينفذ صبراً وحيلةً مع تداعيات الوضع الإقتصادي والغلاء المعيشي وتضييق الخناق على " التعبير " الإلكتروني الذي أصبح تحت طائلة المسائلة القانونية .
قبل التطرق لقانون الجرائم الإلكترونية أود أن استعرض وضع المواطن بشكل مختصر .
" الفرد" الذي لا يمتلك توجه سياسي ولا حزبي ولا يفكر إلا بطلوع الشمس وغروبها وما بينهما من مسؤولية منهم شبابنا الذي إجتهد وحصد مقعداً جامعياً على نفقته الخاصة لأسباب يطول شرحها هنا ، يتكبد ساعات عمل طويلة ليتمكن من دفع أقساطه الجامعية وما بين العمل والأقساط تأتي نكبة المواصلات وتفاوت أسعار " العداد" لمتنمري التكسي الأصفر وإذا كان البديل المواصلات العامة يكون الشاب أو الفتاة يصارعون الوقت بالتعلق " بباب " كوستر لكي تصل/ يصل بالوقت المناسب لعمله/ا .
هذا دون إحتساب مصروف شخصي لكل فرد أو مسؤولية عائلية وإن كان يتقاضى بالحد الأعلى 300 دينار شهرياً هل سيكفيه نصف راتبه مواصلات والآخر قسط جامعي مثلاً وأمور أخرى ؟ حتى فيثاغورس في قبره سيعجز عن إيجاد حل لهذه المعادلة. ولن نذكر نسب العنوسة التي تعانق السماء في الأردن نتيجة
" الطفر " حيث أصبح الزواج حلماً بعيد المنال عن شبابنا .
أما الأفراد " ذاتهم " المسؤولين عن إعالة أسرة " نواة" يحتاج رب الأسرة إلى دفع بدل إيجار، سكن وكهرباء وماء وطعام وملبس وتعليم وعلاج وبالطبع لن يفكر بالرفاهية ، بهذه المعادلة يحتاج بأضعف الإيمان وبأقل المستويات إلى 1000 دينار أردني شهرياً ليتمكن من العيش " مستور " فقط .
فإذا كان دخله لا يزيد عن 600 ولا يقل عن 400 كيف يستطيع ان يكمل الأمانة ؟
المقصود هنا أن النفس امارة بالسوء اولئك " المطحونين" بعجلة الفقر والغلاء قد يراودهم البعض عن صبرهم بأن يقوموا بتقديم خدمة مدفوعة الأجر ليتمكنوا من تحصيل ما يسد عجز ميزانيتهم الشهرية ولو كان على حساب أنفسهم وقناعاتهم وتربيتهم .
وقد يصل رب الأسرة إلى مرحلة " الضيق " ليفتعل مشكلة مع اهل بيته من شدة الضغط والطلبات التي لا تلبى وتتحول تلك المشكلة "جريمة قتل" غير مقصودة وبرعاية " الإختناق " المادي .
لطالما كان الفضاء الإلكتروني الذي إجتهد الغرب في صنعه لنقع في "فقاعة التنويم المغناطيسي" مكاناً لصاحب الكلمة وأجير الكلمة، وهذا أمر لا يختلف فيه إثنان ولكن ما تغفل عنه الحكومة عند تطبيق أي قانون بأن الصمت والإنضباط الذي تبع إعلان العقوبات الرادعة ليس إنضباطاً أخلاقياً من الشعب بل هو يأس وإختناق حقيقي سيفجر بعدة طرق وسيبدأ تأثير هذا " الإنضباط " بالزوال عندما ينفجر بالون الصبر الذي كان يآزره " كلمة " يعبر بها المواطن أو الناشط برأيه على منصات التواصل الإجتماعي بعيداً عن " القذف والشتم " والمساس بالشخصيات و المساس بأمن الدولة .
عندما تصبح المشاركة جرماً والتعليق جرماً والإعجاب جرماً هذا يعني أن المواطن البسيط الذي عبر عن " كبته " في كل ما ذكر أصبح عرضة للمسائلة القانونية .
فإذا كان الحديث و " التنفيخ " في منزله يعرضه لأزمة عائلية وفي الشارع إلى إعتداء وفي العمل إلى طرد وفي الفضاء الإلكتروني إلى مسائلة .. كيف له أن "ينفس " عن قهره في ظل هذا الإختناق والخوف ؟
اليس من المنطق أن يتم نفخ البالون إلى حد التحكم به و " ربطه" حتى لا ينفجر ؟
والله المستعان