29-10-2017 02:23 PM
بقلم : سهير رمضان
تفشى الفساد في الوطن العربي وانتشر انتشار النار بالهشيم حتى اصبح مستساغا سواء كان على الصعيد السياسي اقتصادي ,اجتماعي وأخلاقي. لقد اظهرت منظمة الشفافية العالميه ان جميع دول الاعضاء في جامعة الدول العربية والبالغ عددها 21 دوله لا تزال تحافظ على ترتيبها في سلم الفساد العالمي : فما زالت الرشوة منتشرة , المحسوبية والواسطة , نهب المال العام , الابتزاز وغسيل الاموال وغيرها . يعم الفساد البلاد العربية نتيجة سوء استغلال السلطة من اجل تحقيق المكاسب والمنافع الخاصة . واخطر انواع الفساد المنتشرة في الوطن العربي الفساد العقدي وهو اساس كل فساد " فإذا المعتقد فاسدا كان السعي فاسدا وإذا كان المعتقد صالحا كان السعي صالحا."
الفساد هو " سوء استغلال السلطة من اجل تحقيق المكاسب والمنافع الشخصيه ". لقد جرمت اتفاقية الامم المتحدة عام 2003 حالات الفساد والتي حددتها : برشوة الموظفين العموميين , المتاجره بالنفوذ , اساءة استغلال الوظائف , الاثراء غير المشروع , الاخفاء , غسل العائدات الاجراميه , الرشوة في القطاعين العام والخاص , اعاقة سير العدالة , اختلاس الممتلكات او تبدديها او تسريبها بشكل اخر من طرف موظف عمومي. معالم الفساد واضحة جدا وهي منتشرة ومتفشية داخل المجتمعات العربية وهذا دليل واضح على تدني الرقابه الحكوميه وضعف القانون وغياب التشريعات وسيادة مبدأ الفردية وضعف الانتماء .
ان من اخطر ما يوجهه المجتمع العربي سيادة مبدأ الفردية حيث يؤدي الى استغلال الوظيفة العامه من اجل تحقيق مصالح فرديه او جماعات معينه على حساب الدور الاساسي للجهاز الحكومي وهذا يلغي مبدأ العدالة , تكافؤ ألفرص النزاهة والكفاءة في شغل الوظائف.
ان مؤشرات الفساد واضحة كوضوح الشمس , لقد شاعت ظاهرة الغنى الفاحش والمفاجئ في مجتمعاتنا , ضعف الرقابه وان وجدت بشكل شكلي , اهمال القواعد والنظم العامه لتحقيق منافع خاصة , بيع الممتلكات العامه لتحقيق منافع خاصة , الابتزاز الذي يؤدي الى هروب رؤوس الاموال من البلد , الاستغلال السيئ للوظيفة ,انتشار ظاهرة (الرشوة فكم هدمت بيوت وأهينت نفوس وارتفع الباطل وغاب الحق وقول الزور وما كان ذلك إلا بسبب الرشاوى ),انتشار المحسوبية والواسطات لشغل الوظائف بدل الكفاءة والمهارة (التي تصيب مصالح المجتمع بالشلل وهجرة الكفاءات ومواهب المفكرين بالجمود وجهود العاملين بالفتور وكم من حقوق ضيعت وكم من مظالم انتهكت وكم من دماء ضيعت بسبب الواسطات والمحسوبية ) .
لقد علا وارتفع صوت الفساد ليطمس الحق وأصبح الفساد سمه خطيرة اخطر من الفاسدين فالفاسد يذهب ويأتي غيره مئات . اصبحت ثقافة الفساد منتشرة بسبب الانفلات من القوانين والنظم والقيم والدين مما انتج بيئة فاسدة خطره جدا تروض المجتمع والمؤسسات لاستساغة الفساد واعتباره ثقافة لا ترغب بالتحرر من الفشل حيث اصبحت المجتمعات العربية موبوءة والعقل فاسد واكل الحرام مستباح . البيئة الفاسدة خصبه للفوضى الجنسيه والمخدرات والإدمان والإرهاب والجرائم بشتى انواعها من قتل وسلب ونهب وتفشي البطالة وإنشاء جيل لا يعرف للحق طريق حيث خرج هذا الجيل من رحم الفساد .
هناك عدة طرق للقضاء على الفساد اهمها : العدل فهو الاساس قد يسهل للبعض اختراق القوانين وتجاوزها لهذا ينبغي وضع قوانين قويه صارمة وصريحة ومتابعتها بشكل دقيق وحازم دون تفريق بين مواطن ومسئول . يجب المراقبه والمتابعة الجادة من الجهات المعنية بالرقابة بتنفيذ العقوبات على كل من يثبت عليه شيء من انواع الفساد. تشكيل لجنه من كل دائرة للصلاح الاداري , التكافؤ الاجتماعي , التوعية الدينيه ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومحاولة ايجاد فرص عمل للمواطنين.
يجب على افراد المجتمع كافة محاربة الفساد بشتى انواعه وإشكاله حيث يحتم علينا التزامنا الديني والوطني والإنساني ان نساهم جميعا في الحد من تفشي الفساد والذي يهدد امن المجتمع ,وأضرت بالمجتمع وروح المواطنه لدى ابنائه. فلا يعقل ان تكون تعاليم وأخلاق الاسلام تطبق في الدول الغير اسلاميه ويهجرها المسلمين حيث ان غياب الوازع الديني يدفع الانسان ليسلك سلوك مفاده ان "الغاية تبرر الوسيلة " . قال سيدنا عمر رضي الله عنه " وان لأجد هذا المال يصلحه إلا ثلاث : يؤخذ بالحق ويعطى بالحق ويمنع من الباطل" .