16-11-2017 08:27 AM
سرايا - من بين مئات الصور التي تحتفظ بها عدسته، ينتخب الفنان الفوتوغرافي سامي الزعبي ستّاً وعشرين لقطةً حملت وجوه الناس والأوابد الأردنيّة وجبال رم والقلاع وورود الطبيعة الغنّاء، لتحمل معها كذلك ذكريات مصوّر وزارة الثقافة، والذي أشرك عدداً من المبدعين في التعليق عليها، مع ترجمة نصوصها إلى اللغة الإنجليزية.
يقول الزعبي، الذي افتتح معرضه وزير الثقافة 'حكاية صورة' بالتزامن مع افتتاح مهرجان المسرح الأردني في المركز الثقافي الملكي، إنّ الصورتين الصحفيّة والفنيّة تشتركان في عنصر الجمال، محاولاً ما أمكن أن يجعل من صور المهرجانات والمناسبات الرسميّة محببة وتحتفظ بحيويّتها، لا أن تكون جافةً، مؤكّداً أنّ 'الوثيقة الفوتوغرافيّة' يمكنها أن تكون 'جميلة'.
ويتمتّع الزعبي بصبر طويل على الصورة 'المناسباتيّة' حتى تتهيّأ له ظروفها المواتية للالتقاط أو شروطها التي تحمل فيها ما يلفت، مؤكّداً أنّ المهرجانات تحمل وجوهاً ضاحكة وبريئة وشاردة وانشغالات طبيعيّة أبعد ما تكون عن الاصطناع، مستذكراً دورات مهرجان المسرح الأردني وغيره من مهرجانات وزارة الثقافة، وفعالياتها اليوميّة أو المستجدّة.
يجد الفنان نفسه في رمال رم وأعمدة جرش وسهول حوران وفي وجوه المتعبين وتفاصيلهم التي يبحث عنها في القرى والأرياف والبوادي والأسواق الشعبيّة وفي قاع المدينة، ولشدّة ولعه بالتصوير الذي نشأ عليه مبكراً، يتهيّب أصدقاء الفنان الزعبي رؤيته لأنّ ذلك معناه أنّ تحيته لهم ستكون بصوت 'شتر' الكاميرا وذراعها الذي يبدو جزءاً من يد الزعبي الذي لا يكفّ عن التصوير.
'حكاية صورة' الذي حمل انطباعات أكاديميين وأدباء وانفعالاتهم، شارك فيه الشاعر د.صلاح جرار، والكاتب أحمد حسن الزعبي، والشاعر محمد خضير، والشاعر محمد سمحان، والكاتب الراحل ناهض حتّر، والشاعر د.حكمت النوايسة، والقاص مخلد بركات، والقاص مفلح العدوان، والروائيّة سهام أبو عواد، فكان بستاناً لرؤى جماليّة تجاه الصّور في ومضات خفيفة عبّرت عن رؤى المشاركين لهذه اللوحات.
وفي تقديمه الكتاب يرى الشاعر والفنان التشكيلي محمد خضير أنّ الصورة الساكنة هي امتداد صاخب للذاكرة، وما خلّفه الإنسان الأوّل على جدران الكهوف من رسم إنّما هو فكرة الصورة التي حفظت لنا ذكريات من عشقوا وحاربوا ثم رحلوا، وأنّ الصورة قد تأخذ بعدين كما في الصورة الفوتوغرافيّة، وتكون بثلاثة أبعاد إذا كانت على هيئة تمثال يحفظ لصاحبه شكله المغادر لروحه، كما أنّ المسافة بين الصّورة الجيّدة وغير الجيّدة هي قدرة العين على رؤية ما لا يراه الآخر، ولا يقتصر الأمر على كميّة الجمال الكامن في اللقطة، بل هو عبقرية توثيق اللحظة التي نادراً ما تلتقطها العين، على الرغم من حدوثها الدائم دون أن نلحظها.
ورأى خضير أنّ الزعبي في 'حكاية صورة' يعيد على أنظارنا ما كنّا رأيناه دون أن ننتبه أنّ الحياة تحمل في تفاصيلها سرّاً لا يفسّره سوى عبقري يطوّع 'القمرة' باحتراف لتسكن أحداق عينه، وهو القادر على ملء الفراغ الذي يشغل اللحظة العابرة، مؤكّداً أنّ الصورة تشبه في تأثيرها الشعر والرسم، فالصورة الناجحة هي تلك القادرة على ابتكار الدهشة، وكأنّها حدث لا مكان له على هذه الأرض، وقد تأخذ من صاحبها نصيباً من البناء والبحث، وقد ترغمه على السفر إلى أماكن كثيرة باحثاً عن مشهدية تجيب على كثير من الأسئلة التي تراود العين.
كما يؤكّد أنّ الزعبي مصورٌ فريد وعبقري وقادر على أرشفة اللحظة بطريقة متميزة تجعل من المكان الضيّق فضاءً حالماً، ومن الأمكنة الجامدة عوالم متحركة، ومن السكون روائح تغتال أنف الناظر، 'وَيْكأَنّه' يجلس بين كثير من الأعمدة والزهور أو كأنّه في انتظار رغيف الخبز الهارب من تنّور النار إلى كفّ امرأةٍ تجلس القرفصاء إلى جانب الحياة، وهكذا بكلّ سحر يكتب الفنان الحكاية بأبجدية البلاد البسيطة.
نطالع في الكتاب صوراً لرم، و غابة برقش بإربد، وربيع الأردن، ووجوهاً، وجبل القلعة، وأم قيس، وقلعة عجلون، وربيع لواء الكورة، والمسجد الحسيني، والبترا، وعدداً من الحرف اليدوية، وزهوراً بريّة، ومسجد الشهيد الملك المؤسس، وبوابات جرش، وأملاح البحر الميت، والعلم الأردني، وغروب وادي رم، ووادي الوالة بمادبا، وبركة العرائس في ملكا بإربد، وليل عمان، وضفدعاً في بركة، وأدراج جرش، وغير ذلك من اللقطات.
الزعبي هو مؤسس 'وكالة وجه الأردن' كأول موقع إعلام سياحي أردني، مثّل الأردن في المغرب بمعرض فوتوغرافي العام الماضي، أقام خمسة معارض شخصية وشارك في عدة معارض محلية وعربية، وهو حاصل على عدّة جوائز منها المركز الثاني في محور الصورة الصحفية، وهو عضو الجمعية الأردنية للتصوير، اختيرت مجموعة من أعماله لتمثل السياحة والتراث الأردني في العديد من المجلات المحلية والعالمية، ويحمل الدبلوم في التصميم الغرافيكي.