22-11-2017 05:40 PM
بقلم : أ .د غالب محمد الشاويش
هذه المقولة لابنة هولاكو قائد التتار، عندما سقطت بغداد على أيديهم عام 656هــ في زمن الخليفة العباسي المستعصم، حيث كانت تتجول في شوارع بغداد ، إذ رأت الناس مجتمعين حول عالم من علماء المسلمين ، فأمرت بإحضاره مقيدا بيديه ورجليه بعمامته ، وحافي القدمين ، فنفذ أمرها ، وطابت نفسها .
وضعوا العالم أمامها بصورة مهينة ، وهيئة ذليلة ، ثم سألته :لقد علمت أن الله يقول : ( والله يؤيد بنصره من يشاء ) آل عمران /13 ، فالله قد نصرنا عليكم ولم ينصركم علينا ، وهذا دليل على أن الله يحبنا ولا يحبكم .
فعندما سمع العالم كلامها، قال لها: لن تسمعي جوابي إلا إذا فككت قيدي، وأجلس كما تجلسين.فوافقت على طلبه ،وأعادت له السؤال نفسه .
قال العالم لها:أتعرفين راعي الغنم ؟ قالت: كلنا نعرفه، قال: ألا يكون معه بعض الكلاب لحراسة الغنم، ورد الشاردة منها إليه، قالت: نعم.قال لها : إنما مثلنا ومثلكم كمثل غنم الراعي ، فقالت كيف ؟ قال : فالله ـ تعالى ـ هو الراعي ، ونحن الغنم، وأنتم الكلاب ، فلما شردنا عن أوامر ربنا، سلط الله علينا الكلاب،
ليردونا إليه مرة أخرى.
فإلى متى سنبقى شاردين عن منهج الله ـ عز وجل ـ أما يكفي أن ألأمم قد تكالبت على أمة محمد كما قال
ـ عليه السلام ـ ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق ، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ...) .
فالله ـ عز وجل ـ لن ينصر المسلمين إلا إذا ارتقوا إلى مرحلة المؤمنين لقوله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم/47.ولم يقل نصر المسلمين .
فالمؤمنون وصفهم الله ـ عز وجل ـ بقوله تعالى: ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) التوبة/ 112 ، ولم يقل وبشر المسلمين . وقال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [الأنفال:60،
فالإيمان والإعداد شرطان للنصر،فلا يتحقق النصر إلا بالإيمان ،فإذا لم يتحقق الشرطان معا ،
فلن يكون هناك نصر .
أ.د. غالب محمد الشاويش
22/ 11 / 2017 م.