23-11-2017 03:36 PM
بقلم : مصطفى الشبول
فعلاً إنها الدنيا بعدها بألف خير وسلام ، وكل ما نحكي ان الناس تغيرت للأسوأ (بسبب ظروف الحياة ) إلا تصادف وتلاقي أولاد حلال طيبين وعندهم لله ، وما بهمهم لا سمعه ولا صيت ولا شهرة ولا حتى بهمهم يتصوروا وينشروا صورهم مثل بعض جماعة إذا بده يسقي قطه بالشارع أو حتى يزيح حجر عن الطريق بصور حاله وبنشرها على كل المواقع وكل الدنيا بتدري فيها ...
قبل أيام ليست بالبعيدة وأثناء مراجعة إحدى المستشفيات لفت انتباهي أربع شباب عمال (يعملون بحمل وعتل البلاط والطوب) يهرعون ويسالون عن مكان بنك الدم ، ويلبسون أواعي العمل (رثّه وبالية ومليئة بالرمال والغبرة) وقد فزعوا من ورشة العمل بناءً على مكالمة هاتفية من صديق لهم (عامل مثلهم) قد أحتاج والده لوحدتين من الدم قبل أجراء عملية جراحية له ... وقد جلسوا على الكراسي المخصصة للتبرع بالدم والابتسامة لا تفارق وجوههم ، وقد رسموا لوحة رائعة تزينت بدمائهم الزكية وعرق جبينهم النقي الطاهر وابتسامتهم البريئة ، فكانت أجمل لوحة وأجمل رسالة تصل إلى كل من كان موجود ، رسالة تحمل كل معاني الإنسانية الحقيقية... وبعد الانتهاء خرجوا يبتسمون ويضحكون بعد أن عانقوا صديقهم ودعوا لوالده بالشفاء...
أما الموقف الآخر الذي حدث في نفس المستشفى هو لذاك الشاب المحاسب الجميل الرائع الذي سطّر حروفه بماء الذهب عندما قام بحساب تكاليف دخول أحد المواليد إلى قسم الخداج ولمدة عشرة أيام بعد أن رأى قيمة الحساب تنهك كاهل الرجل (أبو المولود) وتقصم ظهره بعد أن تفاجأ الأب بقيمة الفاتورة (حتى بحساب العشرين بالمائة منها حسب التأمين) إلا أنها ثقيلة على موظف بسيط وعادي ، فقام ذاك المحاسب الرائع بعد أن سأل عن حال أبو المولود باختصار الفاتورة وتقليصها ضمن إمكانيات و طاقة الموظف البسيط ... ليترك أثراً وإرثاً جميلاً عجز وتقاعس عنه من يُشبع الناس بالكلام الفارغ والكذب عدا عن الكشرة والوجه المخيب الذي يقابلك فيها هؤلاء المتسلقون أو حتى أنه ليس تقاعساً بل رفضاً وحسداً لتقديم مثل تلك المساعدات التي يعملها أصحاب الوجوه السمحة و أصحاب الأيادي البيضاء النقية الطاهرة التي تمد لك يد العون بالسر والخفاء دون أن يعرفوا من أنت ومن أين أتيت... فأنت إذا حافظت على إنسانيتك في زمن كل شيء فيه بات متوحشاً أمر تستحق عليه التقدير والاحترام...وصدق المثل القائل ( إن خليت بليت) ...