26-11-2017 12:25 AM
سرايا - ما زال مستشفى معان الحكومي يروي حكايات طويلة مع طوابير الانتظار لمراجعين، في مشهد يومي لـ 1000 مراجع يخنق الأنفاس، تدور أحداثه بين أروقة العيادات والطوارئ والصيدلية والسجل الطبي، حيث يقضي المريض أكثر من 6 ساعات أحيانا داخل أروقته الضيقة لـ "الفوز بملاقاة الطبيب".
وسط مبنى عيادات الاختصاص الرئيسية والفرعية، وهي عبارة عن غرف صغيرة وممرات ضيقة الأطراف غير ملائمة صحيا، يسترعي الانتباه مراجعون؛ امتلأت الكراسي بهم منذ ساعات الصباح الباكر، فيما ينتظر آخرون وقوفا، وبعضهم لا يتمكن من الدخول للطبيب، ما يضطرهم للعودة في اليوم التالي وهكذا تستمر المعاناة، وفق العديد من المراجعين.
ويتزايد الاكتظاظ في قسم الإسعاف والطوارئ وعيادات الاختصاص والنسائية والتوليد والأطفال، وحتى أن غالبية الأقسام غير قادرة على استيعاب المراجعين، بسبب ضيق مباني المستشفى ونقص الكوادر الطبية والأخصائيين، ما يؤثر على مستوى الخدمات الطبية والعلاجية، التي يقدمها المستشفى في ظل تزايد أعداد المراجعين، رغم أهمية المستشفى الذي يقع على طريق دولي "الصحراوي" يربط الأردن بعدد من دول الجوار، ويشهد الكثير من الحوادث المرورية الجماعية التي تتطلب عناية خاصة.
ويرى مراجعون أنه رغم عمليات التحديث والتطوير وأعمال التوسعة التي شهدها المستشفى، إلا أنه ما يزال يفتقر إلى تخصصات طبية عديدة، خاصة تلك المتصلة بأمراض القلب والأعصاب والدماغ والكلى والتخصصات الدقيقة في الجهاز الهضمي، ويفتقر إلى الأجهزة الطبية المهمة ومنها جهاز للرنين المغناطيسي وجهاز تصوير صدى القلب (الايكو)، وجهاز فحص الجهد، وتخطيط أعصاب وعضلات، وجهاز هضمي "العلوي والسفلي" ما يدفع بالمرضى إلى مراجعة المستشفيات في عمان والعقبة والكرك، إلى جانب افتقار المستشفى أيضا إلى بنك دم مركزي.
يحتاج المستشفى إلى توسعة، وفق المواطن عيسى جرار، وبالذات مبنى العيادات الخارجية وقسم النسائية والتوليد من حيث سعته وزيادة عدد الأسرة في قسم العناية الحثيثة وقسم الإسعاف والطوارئ ، لما يشهده من ضغط في عدد الحالات التي تراجع المستشفى يوميا، مبينا أن نقص أطباء الاختصاص يؤخر عملية المراجعة الطبية عدة أيام، ما ينعكس سلباً على صحة المريض.
يقول صباح النعيمات إن البعض من المرضى يضطر أحيانا إلى الانتظار أكثر من 6 ساعات لإجراء المعاينة الطبية، لاسيما في عيادة الأمراض الباطنية والعظام، مشيرا إلى أن الضغط الهائل من المراجعين يعرقل خدمات المستشفى، ويضعف الخدمة العلاجية المقدمة للمواطنين، ويحدث أحيانا نقصا في العلاجات، خاصة علاجات الضغط والسكري ليوم أو يومين، مما يدفع المواطن إلى شرائها من صيدليات القطاع الخاص وبأسعار مرتفعة.
ويعاني محمد أبوهلاله لدى مراجعته قسم العظام في العيادات من الاكتظاظ، الأمر الذي يضطره إلى الانتظار لساعات طويلة، وأثناء مرجعته في أحد المرات حصل على رقم دور 90 ولم يلتق الطبيب، ما اضطره للعودة في اليوم التالي، مطالبا بزيادة عدد الأطباء في مختلف عيادات الاختصاص للتخفيف من معاناة المرضى واعتماد نظام إلكتروني لتنظيم مواعيد المرضى.
ويطالب عبدالله أبو تايه، برفد المستشفى بعدد كاف من أطباء الاختصاص لمختلف العيادات للمناوبة طوال الأسبوع، كي يتسنى لطبيب الاختصاص معالجة مرضاه بأريحية، بعيداً عن التوتر العصبي الذي تشكله حالة تزاحم المرضى في مبان ضيقة الأطراف، داعياً إلى دراسة هذه المشكلة من قبل الجهات المعنية واتخاذ حلول جذرية تساهم في التخفيف من الأعباء عن كاهل المرضى والاطباء والموظفين.
ويبين هيثم الشراري أن غالبية المرضى يضطرون للجوء إلى مستشفيات في عمان والكرك والعقبة، نظرا لعدم وجود أجهزة طبية في المستشفى ومنها جهاز تصوير صدى القلب "الايكو"، ما يكبدهم مزيدا من العناء والجهد والتعب في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
يعتبر مدير مستشفى معان الحكومي الدكتور وليد الرواد، أن الاكتظاظ في المستشفى سببه ضيق مساحة المكان في غالبية أقسام المستشفى في ظل ازدياد عدد المرضى والذي يصل إلى نحو 1000 مراجع يوميا يدخلون للمعالجة الطبية منهم 650 مراجعا لمختلف عيادات الاختصاص و350 إلى قسم الإسعاف والطوارئ.
ويشير إلى أن معظم المرضى والمراجعين في مبنى عيادات الاختصاص ليس لهم مقاعد مخصصة للجلوس، ما يضطرهم إلى قضاء أوقاتهم وقوفا بانتظار دورهم لملاقاة الطبيب، لافتا أن المبنى عبارة عن غرف صغيره لا تستوعب المرضى وممرات ضيقة تفتقر إلى صالات للانتظار.
ويبين أن بعض عيادات الاختصاص يدخل إليها أكثر من اثنين من المرضى في نفس الوقت وخلال دقائق يتم فحصهم، فيما يعالج كل طبيب أكثر من 100 مريض منهم في اليوم، مؤكدا حاجة المستشفى الى إنشاء مبنى آخر للعيادات الخارجية داخل حرم المستشفى ، حيث أن المساحة متوفرة والمخططات موجودة ، الأمر الذي يساعد بتخفيف الضغط الهائل على المبنى الحالي وحفاظا على وقت أطول للمراجع في المعالجة وخصوصية المرضى، كما أن الحاجة أصبحت ملحة أكثر لتوسعة قسم النسائية والتوليد والأطفال من خلال إنشاء طابق ثالث للمبنى كون نسب الإشغال تتجاوز 100 % في هذه الأقسام ، حيث أصبح عدد الأسرة لا يفي حاجة المرضى، بمعنى أنه يتواجد 24 مريضا يوميا في حال عدد الأسرة 22 سريرا.
ويلفت الرواد إلى وجود نقص في عدد الأطباء في تخصصات الكلى والقلب والأعصاب وجراحة الأعصاب والجهاز الهضمي وطبيب الغدد الصماء والسكري، إلا أن التخصصات الرئيسية باطني جراحة عام وعظام وأطفال ونسائية وتوليد مغطاة على مدار الساعة، كما هو الحال في التخصصات الفرعية، باستثناء تخصصات الجلدية والمسالك البولية والعلاج الطبيعي وطب الأسنان، والتي تغطى ثلاثة أيام في الأسبوع.
وبين أن المستشفى يفتقر إلى جهاز رنين مغناطيسي وجهاز فحص هشاشة العظام وجهاز فحص القلب بالموجات فوق الصوتية "الإيكو"، مبينا أهمية توفير طبيب أخصائي جهاز هضمي لاستخدام وحدة أجهزة التنظير المتوفرة في المستشفى للجهاز الهضمي العلوي والسفلي، بهدف توفير الوقت والجهد على المرضى والمراجعين .
وعن جهاز الرنين المغناطيسي، بين الدكتور الرواد أن هناك منحة يابانية لرفد المستشفى بهذا الجهاز، آملا الاستعجال فيه لاستكمال الخدمات المقدمة للمواطنين، كما أن الوزارة بصدد رفد المستشفى بجهاز تصوير القلب "ايكو" ، حيث طلب منا تدريب ممرضين اثنين للعمل على هذا الجهاز، وفيما يتعلق بجهاز فحص هشاشة العظام ، أكد الحاجة الملحة لتأمين المستشفى بهذا الجهاز، حيث يتم تحويل المرضى إلى عمان والكرك لإجراء الصورة.
ويعتبر الرواد أن المستشفى يشهد حجم عمل كبيرا حيث يقوم بتقديم الخدمة الطبية والعلاجية لأكثر من 135 ألف مواطن من سكان المحافظة، ويستقبل الحوادث الجماعية كونه يقع على طرق دولية حدودية، مبينا إن نسبة الإشغال في المستشفى وصلت إلى 72 %، من خلال 151 سريرا و60 طبيب اختصاص منهم 12 طبيبا عاما و4 باطني و7 نسائية وتوليد و9 أطفال و270 ممرضا، مشيرا إلى أنه تم رفد المستشفى مؤخرا بأطباء مقيمين في كل التخصصات، كخطوة أولى للتوجه لتحويل المستشفى إلى مستشفى تعليمي.
ويؤكد رغم التحديات والصعوبات إلا أن جميع المراجعين يحصلون على علاجهم اللازم والمناسب، فيما يسعى المستشفى الى مزيد من تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطن ورفع كفاءته، نافياً وجود أي نقص في الأدوية، فإن لم يتوفر العلاج الأصلي يوجد بديله. الغد