26-11-2017 09:17 AM
بقلم : سحر النعيمات
من حقنا أن نتساءل إلى أين وصلنا في قضية تمكين المرأة، ويقودنا هذا التساؤل إلى طبيعة مراحل التمكين التي يتم توجيهها نحو المرأة ومستوى اندماج المرأة في تلك المراحل برغبة ذاتية وبظروف مهيئة، ويبدو لنا أن التمكين حزمة شاملة لا يمكن التخلي عن أي جزء منها غير أن المراحل والمستويات تقتضي التنقل والتدرج وتحقيق الوعي والرغبة لدى المرأة وتحفيزها على استكمال مشوارها لتحقيق التمكين الشامل وبذلك تتمكن من تحقيق ذاتها ورسالتها في خدمة مجتمعها.
ومن هنا يأتي التمكين المجتمعي من خلال المشاركة المجتمعية كعتبة أولى نحو تحقيق المرأة للتمكين الشامل وتبرز أهمية المشاركة المجتمعية في توفير الخبرات الاجتماعية والحقوقية وغيرها تدريجيا بالنسبة للمرأة وإكسابها لمهارات الحياة وبناء الذات والتزود بمفاتيح وآليات سير المجتمع وتفاعلاته المختلفة وبناء تصور شامل عن الدور الحقيقي للمرأة في الحياة الإنسانية، وقد كانت المرأة الأردنية في فترات سابقة وضمن ظروف خاصة تعد فردية في الغالب تحقق نجاحات وإبداعات على مستوى فردي وضمن إطار عملها وفي ظل ظروف اجتماعية معوقة لاندماجها ومشاركتها، غير أن تشكل حراك المرأة وعملية اندماجها بشكل علمي وممنهج كرائدة وقيادية؛ قد تحقق حديثا وذلك بمساعدة من التشريعات الوطنية والمتغيرات المحلية والعالمية؛ و التي أتاحت الفرص للتقدم وأيضا من خلال الأطر المتقدمة مدنية وسياسية.
وبفعل هذا التطور الإيجابي والأطر الجديدة تمكنت المرأة مرحليا من تحقيق نقلة نوعية وبدأت بالمشاركة الفعلية وإبداء الرأي والمشاركة في صنع القرار وتسلمت مواقع إدارية ومدنية وسياسية بفعل تلك التطورات، وأصبحت جزءا فاعلا من المعادلة الاجتماعية والمؤسسات الناظمة لإدارة المجتمع.
أصبحنا نرى المرأة وبصفة تمثيلية في مختلف دوائر صنع القرار، كالمجالس الأمنية ومجالس المحافظات ومؤسسات الحكم المحلي والمجلس التشريعي ومؤسسات المجتمع المدني واللجان والمبادرات ومختلف الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية، وقد اثبتت المرأة القدرة على تحقيق الكثير من النجاحات وتغيير الفكرة القديمة حول ذلك الأمر، كما تمكنت القيادات النسوية في مختلف المحافظات من تشكيل حراك نسوي يدعو إلى مزيد من الفرص والتمكين وصولا إلى التمكين الشامل والذي هو أحد ميزات الدولة المدنية الحديثة التي تدعو لها الأوراق النقاشية الملكية.
لا ننسى أن التوجيهات الملكية لدعم المرأة والتي ترجمت على شكل تشريعات وتسهيلات حكومية منذ عقدين تقريبا أتاحت الفرصة والظروف لدفع المرأة باتجاه مستقبلها وتعزيز دورها الاجتماعي والسياسي والمدني والاقتصادي، وقد تمكنت المرأة الأردنية من استغلال تلك الفرصة وعززت الثقة لدى المجتمع بأنها قادرة على التغيير وتحقيق النجاح وخلق روح تنوعية في الأدوار وتعددها، والمرأة الأردنية أثبتت وجودها وتميز أداؤها كثيرا عن المراحل السابقة، كما أسهمت البرامج التي نفذتها المنظمات الدولية والاتفاقيات الدولية الحقوقية في رفع مستوى التمكين لديها من خلال التوجه نحو مختلف القطاعات الرسمية والأهلية أفقيا وعاموديا.
ولا شك أن ثمة تحديات واجهت المرأة سواء على المستويات المجتمعية أو الرسمية أو على مستوى التعامل مع المنظمات الدولية والمحلية، إلى جانب بعض القيم السائدة والتي تحد من حركة المرأة وتضعها ضمن قوالب معينة، ولا ننسى أن الفئات النسائية في بعض المراحل لم يكن يؤمن بمفهوم التمكين الشامل، غير أن التجربة والممارسة العملية بمختلف تحدياتها غيرت من تلك الصورة النمطية وتمكنت المرأة من تحقيق وعيها لذاتها، كما بدا ثمة تقبل اجتماعي لمفهوم التشكيلات النسوية المدنية وضرورة وجودها وأهميتها في تعزيز المجتمع والدولة.