29-11-2017 03:32 PM
بقلم : جود أمين الدقوري
كما يحوك الطفل الصغير ملامح البراءة على وجهه، ينسج الاسم العائلي قدر الإنسان وخطاه دون سابق إنذار. لكي يجلس في غرفة صغيرة، مهترئة الملامح، سوداء خالية من ذرات الصفاء ينتظر بصبر. ولوهلة قد يظن أن المسارانتهى وأنه على وشك الوصول، إلا وأن قوة رادعة ترجعه إلى النقطة ذاتها التي بدأمنها دون استئذان، لكي تكون تلك القوة سبباً في إحياء السلم الاجتماعي الذي لطالمنا سقيناه بالمياه وتكون صلابة جذوره أقوى من أي فأس يرجعنا إلى كلمة الحق، أوليس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: "الناس سواسية كأسنان المشط الواحد لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى". ولكن هيهات للحق حينما يفترسه أصحاب السلطة والنفوذ لكي يؤكدوا بذلك سيادة الواسطة والمحسوبية في مجتمعنا الأردني، خوفاً من إحداث ضجيج قد يوقظ ضمير كل من سلب حقه.
والمفارقة الكبرى أيها القارىء، حينما نجد أنفسنا في القرن الواحد والعشرين، وحياتنا لا تختلف عن حياة الغابة البدائية. بل وإنها تحفز على أن يكون غلاف كل إنسان هي بطاقة صغيرة لا تتجاوز بضع ستنيمترات تحتوي على معلومات شخصية، مثل: الدين واسم العائلة،انها عناصرتؤكد سيادة الأفراد على المجتمع، وقدرة الفرد على تحطيم كل قانون في سبيل راحته رغماً أن أعظم رجال الأعمال الذين اخترعوا وابدعوا، نسبوا تقدمهم للمجتمع وليس للفرد، والمثال على ذلك ما قاله هنري فورد صاحب شركة فورد للسيارات: " نكون معا، هذه هي البداية، والبقاء معا هو التقدم، والعمل معا هو النجاح.". قوانين وضعت لكي نستطيع كأفراد مقارنة أنفسنا بدول العالم الأول، ولكي نرتقي بأسلوبنالكي يكون القانون هو سبيلنا وأخلاقنا هي التي تردعنا. ولكن السؤال الذي يحيك مؤامرته في هذه اللحظة، هل هناك أي توجه أو مبادرة قد تبدأ بمحو هذا التخلف أو التمهيد لشيء مختلف؟
أولى الخطوات التي اتخذتها الحكومة هي إلغاء خانة الدين،وبهذا الفعل جعلت نفسها مصدر للشك والارتياب من قبل المواطن المتحفز دينياً، والذي يدعي قدرته على استجواب سيادة الحق، وأهمية العدل بالرغم من أنه يقدم نفسه على أنه وصي على الدين، ولكنه في الحقيقة جدارٌ أبيض فارغ يواجه كل فكرة قد تحرز تقدماً إيجابياً، فيحبط تقدم وتقبل الآخرين لهذه الفكرة بدافع الدين لأنه ينظر إلى المنظر السطحي المجرد من كل تفكير سليم.
عند إصدار هذا القرار عارضه البعض وبشدة، لأنه بنظرهم إلغاء الدين مؤامرة لسيادة الإلحاد رغماً أنها تدل على أن علاقة العبد بربه لا تخص أي إنسان بل الله و حده أو ما عرفه بـ"استهداف للإسلام". وقد تسأل نفسك، ما الصلة بين محو الدين واسم العائلة؟الصلة هي نموذج التفكير الذي لا يكف عن إظهار نفسه مراراً و تكراراً، وهي أننا نعتمد على اسم العائلة لإدراك أهمية الشخص، رغماً أن اسم العائلة لا يوضح إلا صلات الدم بين الأشخاص.
وإصدار البطاقة الذكية التي تمحي الدين وتبقي اسم العائلة، هي مشابهة لإحدى قصص الفيلسوف بيدبا في كليلة ودمنة، وهي قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين. فالحكومة تضع بيوضها و ثمرات تفكيرها في مستقبل يعامل الجميع بطريقة سوية، الا انها لا تطبق الافكار تلك لنفسها. فإصرار الأفراد على عدم شطب الاسم العائلي من الهوية، يرجع كل تقدم إلى النقطة الأولى ألا و هي التفريق، لأن الاسم العائلي هو مشير إلى الديانة، و العراقة، وأي جذر ينتسب إليه ذلك الشخص،و كل هذه الأفكار تولد التعصب و العنف.
فماذا لو نظرنا إلى أبعد من الجزيئات التي تغشي أبصارنا، وآمنا أن الاسم العائلي هو فقط محفز على أن نجعل الواسطة ترتاد مجتمعنا الأردني فتلطخ الأخلاق و الأصول التي نشأنا عليها لكي نوضح بأننا نستطيع دهس القانون لأننا أهم، فماذا لو فكر كل إنسان براحة الجتمع بدلاً من راحة نفسه؟ ماذا لو جعلنا العدل قبلتنا والاحترام واجبنا؟ أعدكم بأن الحياة ستكون لصالحنا جميعاً.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-11-2017 03:32 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |