09-12-2017 03:28 PM
سرايا - تبدو مرحلة المراهقة في غاية الدقة حيث يواجه المراهق مشكلات وتحديات عدة، سواء من الناحية النفسية أو الصحية والجسدية.
قد يتهاون الأهل في هذه المرحلة إذ يعتبرون أن المراهق قد أصبح مسؤولاً وأكثر نضجاً وتكون هذه المرحلة فعلياً أكثر حساسية ودقة.
عن تلك الإحاطة الشاملة والمتابعة الضرورية من الأهل وكل المشاكل التي يواجهها المراهقون في هذه الفترة من حياتهم، خصوصاً في أيامنا هذه بوجود وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الالكترونية والانترنت وما ينتج منها، تحدثت رئيسة قسم طب الأطفال في مستشفى ومركز بلفو الطبي الجامعي باتريسيا كلداني مشدّدةً على الحلول التي تساعد في الحفاظ على سلامة المراهق وصحته من النواحي كافة.
ما أبرز المشاكل التي يواجهها المراهق؟
لا تقتصر المشاكل التي يتعرض لها المراهق على تلك التي تظهر مباشرةً. بل ثمة مشاكل عدة تظهر في المدى البعيد وتساهم في خلق مجتمع يشوبه الكثير من الخلل من النواحي التربوية والنفسية والأخلاقية والصحية.
المشاكل التي يواجهها المراهقون متنوعة، منها الاضطرابات النفسية التي تعانيها نسبة 40 في المئة منهم، في حين تعاني نسبة 15 في المئة من المراهقين خطر الوزن الزائد، كما تتعرض نسبة 30 في المئة منهم إلى التعنيف الكلامي. تضاف إلى ذلك مشكلة إدمان المخدرات المنتشرة في أماكن مختلفة. وهي كلّها مشاكل خطرة لا يمكن الاستهانة بها نظراً إلى تداعياتها الكثيرة.
تضاف إليها المشكلة المتفاقمة أبداً وسريعاً، وهي الإدمان على الانترنت وألعاب الفيديو، والتي لها أيضاً تداعيات كثيرة نفسية وصحية واجتماعية... هذا إضافة إلى حوادث يمكن التعرض لها، مع الإشارة إلى أن الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تؤكد أن حوادث السيارات تحتل المرتبة الأولى بين أسباب وفيات المراهقين. أما الاكتئاب والانتحار فيأتيان في المرتبة الثانية بين أسباب وفيات المراهقين في الولايات المتحدة من سن 15 إلى 19 سنة.
أيضاً تبرز مشكلة التدخين التي هي مشكلة كبيرة تتم مواجهتها بين المراهقين، تليها السُمنة التي تعتبر مشكلة خطرة أيضاً. أما الإحصاءات المتعلقة بلبنان والتي قامت بها منظمة الصحة العالمية بالتعاون المركز الطبي التابع للجامعة الأميركية في بيروت فتشير إلى أن مراهقاً من 4 في لبنان يعاني خللاً نفسياً عاطفياً، ونسبة 6 في المئة فقط تخضع للمتابعة والعلاج. كذلك يصل معدل السُمنة بين المراهقين إلى 15 في المئة، وأكثر من 20 في المئة منهم يواجهون مشكلة التدخين بأنواعه.
ماذا عن وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الالكترونية التي تبدو ظاهرة جديدة نسبياً قد تكثر عواقبها بين المراهقين؟
صحيح أن لوسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الالكترونية إيجابيات عدة لا يمكن أن ننكرها ونركز حصراً على سلبياتها. فمن إيجابياتها أنها توسّع آفاق المراهق وتجعله أكثر اطلاعاً في المجالات كافة وتزيد من ثقافته، إضافة إلى إمكان توسيع دائرة التعارف الالكتروني مع أصدقاء لا يمكن التواصل معهم عن قرب.
إلا أن المراهقين يستخدمون الانترنت بطريقة عشوائية غير مدروسة ويفرطون في ذلك، وهنا تبرز المشكلة عندما تخرج الأمور عن السيطرة.
إذ إن نسبة كبيرة منهم تقع في مشكلة الإدمان على هذه الأمور، وتُظهر الأرقام استهلاكهم الزائد لها. كما تبرز مشكلة تعرضهم إلى مواقف لا تناسب سنّهم ويعجزون عن التعامل معها بالطريقة الصحيحة، فهم قد يدركون أهمية الحفاظ على الخصوصية والابتعاد عن هذه المواقف التي تضرّ بهم.
كما يشاهدون صوراً وفيديوات غير مناسبة لأعمارهم من دون أي رقابة على ذلك. وهذا أيضاً يسيء إليهم من النواحي الأخلاقية والنفسية والاجتماعية... فتصل الأمور بهم إلى مراحل مرَضية يعجزون فيها عن السيطرة على أنفسهم إذ يحتاجون إلى هواتفهم الذكية أو الأجهزة الالكترونية في مختلف الأوقات، وقد يعانون الاكتئاب في كثير من الأحيان... من دون أن ننسى مشكلة قلّة النوم فهم يحتاجون إلى 9 أو 10 ساعات من النوم، وبوجود هذا التعلّق المرضي بالانترنت والأجهزة الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي لا يحصلون على حاجتهم من النوم والراحة.
هل من السهل معالجة المشاكل التي يواجهها المراهق؟
لا بد من التوضيح أولاً أن المراهقين يشكلون مجموعة مميزة في المجتمع لها احتياجات خاصة لا بد من مراعاتها وتلبيتها وهي غير معالَجة في معظم الأحيان لأسباب مختلفة.
فنسبة 6 في المئة منهم فقط تلقى العلاج في لبنان مقارنةً بنسبة 25 في المئة في العالم. من الضروري أن يعرف الأهل أن المراهق يكون في بحث مستمر عن هويته، ويجد نفسه في حاجة إلى القيام بالعديد من الاختيارات المهمة التي يمكن أن تؤثر في حياته وفي صحته في المستقبل.
وهذا ما لا يدرك الكثير من الأهل أهميته فتبقى مشاكل هؤلاء المراهقين بلا علاج، مما يؤثر سلباً فيهم وفي مستقبلهم وفي المجتمع ككل. لذا، يبدو وعي الأهل أمراً أساسياً لا بد من التشديد على أهميته ليحسنوا التعامل مع المراهقين ويشجعوهم على الاهتمام بصحتهم.
نظراً إلى كثرة المشاكل التي يتعرض لها المراهقون، كيف يمكن التصدي لها بما أن عدداً منها يكون مترابطاً أحياناً؟
مما لا شك فيه أن المواضيع التي تعني المراهق كثيرة وتتراوح ما بين تلك الجسدية والنفسية والصحية والعاطفية. كل هذه الجوانب قد تترابط أحياناً وتتطلب معالجة شاملة تحيط بالمراهق من نواحٍ عدة.
فلا يمكن معالجة جانب من دون باقي المشاكل التي يواجهها. مع الإشارة إلى أنه غالباً ما يكون وضع المراهق أكثر حساسية، حتى أنه قد يواجه مشكلة الإهمال أحياناً.
ففيما يتابع الأهل والطبيب الطفل بدقة ويحرصون على حصوله على اللقاحات اللازمة والعلاجات ويكون محاطاً بالكامل، كذلك يكون للراشد طبيبه الخاص فلا يواجه مشكلة في ذلك. أما المراهق فتكمن المشكلة في أنه يكون ضائعاً، فهو لم يعد طفلاً وليس راشداً بعد.
في فترة المراهقة نلحظ انقطاعاً في المتابعة والإحاطة بالشكل الذي يحتاج إليه، على الرغم من دقة المرحلة التي يمر بها والتي تعتبر في غاية الحساسية والتعقيد والأهمية، من دون أن ننسى أنها مرحلة طويلة تمتد من سن 11 سنة إلى 21 سنة، وبالتالي هي مرحلة 10 سنوات من حياته.
لكن هل تتشابه المشاكل التي يواجهها المراهق في مختلف مراحل المراهقة التي تمتد خلال 10 سنوات؟
تقسّم المراهقة إلى 3 مراحل: المراهقة المبكرة بين 11 و13 سنة وفيها يهتم المراهق بالتغيير الكبير في جسمه ونموه وبالنواحي العاطفية، المرحلة الوسطى بين 14 و16 سنة وفيها تزداد المشاكل حول نموه وضغوط المجتمع والمشاكل النفسية، والمرحلة الثالثة والأخيرة وفيها يبدأ المراهق بإيجاد هويته وتكوين هويته وأفكاره وتطلعاته.
أي نصائح عملية يمكن أن تساعد المراهق على التصدي للكثير من المشاكل التي يمكن أن يواجهها في هذه المراحلة العمرية الدقيقة؟
تبدو ممارسة الرياضة نصيحة أساسية لا بد من التركيز عليها. فهي كفيلة بتجنيب المراهق الكثير من المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها.
من المهم أن يقوم المراهق بالعديد من الأنشطة التي تحافظ على صحته وتخفف من استهلاكه للانترنت وتساعده على النوم بشكل أفضل. كما أن من المهم التركيز على الاجتماعات العائلية والأوقات التي يمضيها أفراد العائلة معاً، فهي مهمة جداً للعائلة ككل وللمراهق بشكل خاص. أيضاً ثمة نصيحة أساسية للأهل وتقضي بضرورة اطّلاعهم على التكنولوجيا بوسائلها الحديثة وتقنياتها للتمكن من متابعة المراهق بشكل أفضل ومناقشته حولها. أيضاً على الأهل أن يعرفوا أن من الضروري ألا يكون للولد حساب خاص به قبل سن 13 سنة، وهذا ما يُنصح به على الصعيد العالمي. من المهم حضور الأهل إلى جانب المراهق ليفسروا له ما يتعامل معه وما يشاهده.
يجب ألا ننسى أيضاً أهمية النظام الغذائي الصحيح للمراهق والذي يمشي جنباً إلى جنب اللياقة البدنية وممارسة الرياضة في نمط حياة صحي مما يبعد عنه شبح الاكتئاب ويزيده ثقةً في النفس.
نصيحة أخيرة: الأهل هم دائماً قدوة لأولادهم، ومن المهم أن يكونوا مثالاً جيداً لأن الأولاد يتبعونهم ويحذون حذوهم في كل خطوة يقومون بها.
هذا من دون أن ننسى أهمية التواصل الدائم مع المراهق ومصارحته لتبقى الثقة قائمة في كل الأوقات ولتجنب الوقوع في الأخطاء. يحتاج المراهق إلى التعلّم، والأهل هم الذين يقودونه في كل خطوة يقوم بها ليمشي في الطريق الصحيح في سبيل مجتمع صالح.
نصائح أساسية إلى الأهل:
أولاً: يجب على الأهل أن يصغوا جيداً.
ثانياً: يجب أن يكونوا مثالاً جيداً، فالمراهقون يتبعون الأهل كمثال وإن لم يُظهروا ذلك.
ثالثاً: يجب أن يحدّدوا الأولويات.
رابعاً: يحتاج المراهق إلى إحاطة شاملة من كل النواحي النفسية والتربوية والثقافية والصحية (لقاحات وغيرها) والاجتماعية...