11-12-2017 09:16 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
منذ اللحظة الأولى كان القرار, قرار دونالد ترامب الأخير والمتعلق بجعل القدس عاصمة لإسرائيل عليه إشارات استغراب واستهجان وتعجب كبيرة وكبيرة جدا, فقد أثار مثل هذا القرار تساؤلات جميع الأوساط والنخب السياسية في معظم الدول في هذا العالم, لقد كان لمثل هذه القرار المتعجل نقطة تحول دولية هامة جدا, حيث أن معظم الدول الآن في هذا العالم بدأت تقتنع أن القضية الفلسطينية تحتاج إلى مجوعة من الدول والتي تعي وتحترم المواثيق والقوانين الدولية المعمول بها وتلتزم بقرارات الشرعية الدولية, لتجلس مثل هذه الدول وتضع القضية الفلسطينية على طاولة الحل المنصف دون تحيز أو انحياز لجهة أو لأخرى.
أن معظم الدول قد رأت أن قرار دونالد ترامب المتعجل والقاضي بجعل القدس عاصمة لإسرائيل رأت أن فيه تحيز وانحياز للكيان الصهيوني, الأمر الذي جعل معظم الدول والحال هكذا أن تحترم نفسها بعد أن قرأت مثل هذا القرار قراءة متأنية وقررت عدم نقل سفاراتها إلى مدينة القدس, وابعد من ذلك فأن داخل الكيان الصهيوني هناك تيار(عقلاني)صامت ليس مع نقل العاصمة عاصمة إسرائيل أن صح التعبير من مدينة تل أبيب إلى مدينة القدس.
كان قرار معظم الدول في هذا العالم بعدم نقل سفاراتها إلى مدينة القدس مبنى على أن مدينة القدس هي (مدينة محتلة) تحتاج إلى قرارات الشرعية الدولية, وان المدينة المحتلة لا يجوز بأي شكل من الأشكال إعطاءها صفة العاصمة للجهة التي تحتلها, وبالتالي فان التفكير في نقل أي سفارة إليها يحتاج إلى شيء من التروي, لقد شهدت الأوساط العربية والإسلامية والأجنبية من أول لحظة قرر فيها دونالد ترامب رئيس اكبر دولة في العالم جعل القدس عاصمة لإسرائيل شهدت هذه الأوساط انتفاضة في (العقل والضمير) ضد هذا القرار المتعجل, ليس حبا بالعرب وليس كرها بإسرائيل إنما انتفاضة مبنية فقط على منطق الأمور ليس إلا.
لقد شكك دونالد ترامب بهذا القرار المتعجل شكك النخب السياسية في هذا العالم تجاه قدرته والهاء تعود على دونالد ترامب على التعامل مع أهم ملف في هذه المنطقة (ملف القضية الفلسطينية), كذلك بهذا القرار اضعف نظرة العالم لأمريكا كدولة عظمى راعية للسلام, ثم اسقط بذلك ورقة كانت بيد إسرائيل كان يمكن أن تجلس بها وتفاوض الفلسطينيين,..نعم كان قرار دونالد ترامب صدمة كهربائية مُلحّة وضرورية بنفس الوقت للراغبين بالسلام الحقيقي بين الفلسطينيين والإسرائيليين كي يعرف كل طرف منهم ما له وما عليه في قادم الايام.
بقي أن نقول أن القرار الذي وقّعه ترامب والذي يقضي بجعل القدس عاصمة لإسرائيل يمكن التراجع عنه من قبل الإدارة الأمريكية نفسها, والعودة إلى قرارات الشرعية الدولية من اجل الالتزام بمجموعة المبادئ والقوانين التي تحكم وتوجّه العلاقات الدولية من خلال هيئة الأمم المتحدة وبما تصدره هيئاتها المكلفة بحفظ السلم والأمن العالميين وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي, حتى يكون القرار عادلا ومنصفا لجميع الأطراف, وتقبله جميع شعوب المنطقة.