11-12-2017 09:18 AM
بقلم : المهندس وصفي عبيدات
ما قبل الأربعاء كانت الصالونات السياسية والاجتماعية وحتى المنزلية والأسرية شغلها الشاغل الخبز ورفع الأسعار والنفط ، قبل ايام قليلة كان الاردنيون ينتظرون قرارات من العيار الثقيل ، سالت اقلام الكتاب تكتب عن الموازنة والعجز فيها ، قال الخطباء ما قالوا ، حتى من لم يبلغ الحلم منّا كان له رأي في الحكومة وفي النوّاب ، كانت عيوننا تشخص للدوار الرابع والعبدلي ، ننظر للرابع نظرة الحاقد وللعبدلي نظرة العاتب ، نحقد على حكومة استقوت علينا واستغلت حبنا للوطن وننظر للعبدلي عتباً لان من انبناهم ليدافعوا عنا خذلونا واصطفوا خلف صفوف من ينتزع منا حقوقاً هي لنا .
نعم هي ساعات فقط قبيل اعلان اللعين المتهور ترامب قراره نقل السفارة الامريكية الى القدس ، كنّا نرى جحافل الحكومة تتقدم الى قصعتنا لتأكل ما تبقى من فتات نعتاش عليها ، ننظر اليها نظرة المظلوم للظالم ، نظرة تتطاير شظاياها لهباّ عليهم لكنها برداً وسلاماً على الوطن ، لم نكن نخشى الموت لانفسنا ولكنَّا نخشى الاذى لاردنّا ، نرى كل مخططات الانقضاض علينا ولكن جلٌ استعدادنا كان دعائنا لحفظ امننا وحقن دمائنا .
قبل الأربعاء كانت مباراة بين فريقين اخوين تلهب مشاعر بَعضنا ويتمترس كثير من اللاعبين على وتر الخلاف خلفها ، نهتف هنا ونهتف هناك لدرجة ان يشعر المشاهد انّ حربّاً وشيكة ستقع ، كان قبل الأربعاء الكثير من اعدائنا يراهنون على وحدتنا ، يراهنون على حب الاردني لفلسطين والفلسطيني للأردن .
كل هذا وغيره الكثير كان يحدث حتى نهار الأربعاء ولكن ليل الأربعاء وتحديداً عندما اطلق ترامب خيبته وأعلن ان القدس يهودية وعاصمة لإسرائيل نسينا كل ما سبق الأربعاء ، تحول جميعنا من حملٍ وديع الى أسد كاسر ، نسينا الجوع ونسينا البرد والرياضة ، نعم يا سادة نسينا كل شئ فما حدث اعظم واجلّ ، نعم ما حدث كبير ، انها القدس ، القدس عشيقة عمان وربيبتها وأختها في الرضاعة ، القدس التي هي سكر شرابنا وملح طعامنا ، فما بين عمان والقدس اقرب مما بين عمان وإربد والزرقاء وباقي مدننا حتى البلقاء وان كانت المسافة قريبة لكن اشراقة القدس غير ، مآذن القدس تناجي مآذن عمان ، وإجراس القدس تحاكي أجراس الفحيص ، قبة الصخرة وقباب عمان شاهد على المحبة ، فكلها يرعاها الهاشميون من عمان .
لقد تجلت حقيقة الدم الواحد الذي يجري في عروقنا ، فتوأمة ابناء اربد وعجلون وجرش مع ابناء حيفا والناصرة وشمال فلسطين ، وأخوة الاردنيين في السلط مع اخوتهم في نابلس وأبناء الكرك مع ابناء الخليل ، وكل مدننا في الاردن واخواتها في فلسطين .
القدس تذكرنا ان معظم عشائر الاردن وفلسطين هي من نفس المنبت والاصل ، وهذه رسالة لكل من يتحدث عن المنابت والاصول ، ويكفيني فخراً ان من عشيرتي العبيدات الكثير ممن يسكنون مخيم البقعة ، ويكفيني فخراً ان الكثير من ابناء عمومتي في فلسطين سقطوا شهداء على ارضها ، ولمن لا يعرف فإن قرى في فلسطين معظم ابنائها من عشيرتي ، وانا متأكد ان معظم العشائر هنا وهناك كعشيرتي ، فكيف بعد هذا نتحدث عن المنابت والاصول ؟ وكيف بعد هذا لا ينسى الاردنيون الجوع والبرد عندما يتحالف على جزء من وطننا بني صهيون ؟!!
أفرأيتم كيف يكون الحب يا احبتي ؟!